شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الدعوى والبينات

صفحة 184 - الجزء 6

  وقال أبو حنيفة: عليه أن يخرج الدين كله مما في يده، فإن لم يبق شيء بعده أخرج⁣(⁣١) كل ما في يده.

  ووجهه: ما رواه زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ في الورثة يقر بعضهم بدين قال: (يدفع الذي أقر حصته من الدين)⁣(⁣٢) ولم يرو خلافه عن غيره من الصحابة، فجرى مجرى الإجماع منهم، فوجب الانتهاء إليه. ولا خلاف أنه لو أقر بالوصية لم يلزمه إلا ما يخصه، فكذلك إذا أقر بالدين، وذلك أنه حق ثبت في المال، ألا ترى أنه لم يقر بحق في ذمته؛ بدلالة أنه لو لم يرثه لم يلزمه شيء؟ وإقراره على مورثه لا يصح، فثبت أنه إقرار يثبت في المال كالوصية.

  [فإن فصلوا بين الوصية والدين بأن يقولوا: إن الدين إذا جرى فيه الغصب يتعين في باقي المال، وليس كذلك الوصية]⁣(⁣٣)؛ لأن المال إذا تلف ذهب من الوصية بمقدار ما تلف منه.

  يقال لهم: لو أوصى بشيء بعينه ثم تلف بعض المال لبقيت الوصية في باقي المال، فقد شابهت الدين في هذا الوجه، فكذلك من الوجه الذي قلنا. على أن إقراره يجري مجرى إقرار تام من الموروث؛ وإذا ثبت ذلك وجب⁣(⁣٤) أن يخصه بعض المال؛ لأنه في الحكم كأن الموروث أقر بذلك القدر، ولو كان أقر به لم يلزمه غير ذلك، وأيضاً قوله: لو تمت شهادته لم يلزمه إلا ذلك القدر، وذلك بأن يشهد معه غيره بذلك، فكذلك إذا لم تتم، والمعنى أنه حق ثبت⁣(⁣٥) في الإرث بقوله.


(١) لفظ شرح القاضي زيد: وعند أبي حنيفة يجب أن يخرج من حصته جميع ما يدعيه وإن احتاج إلى إخراج جميع ما في يده من الإرث.

(٢) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٥١).

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).

(٤) في (أ، ب، ج، د): فوجب.

(٥) في (د): يثبت.