باب القول في الدعوى والبينات
مسألة: [في دعوى رجل في شيء في يد آخر أنه كان لأبيه وأنه صار ميراثاً له]
  قال: وإذا ادعى رجل في شيء أنه كان لأبيه وأنه صار ميراثاً له وهو في يد رجل آخر فعليه البينة أنه كان لأبيه إلى أن مات وتركه له إرثاً، فإن أقامها استحقه، وكان للذي في يده الشيء أن يستحلف المدعي مع بينته.
  قلنا: إنه لو أقام البينة أنه كان لأبيه إلى أن مات وتركه إرثاً يستحقه إن كان الشهود أثبتوا ملك أبيه إلى أن مات وأثبتوا انتقاله إليه بالإرث وجب أن يحكم له به، وهذا مما لا أعرف فيه خلافاً، والذي يجيء على هذا أنهم إن شهدوا أنه كان لأبيه إلى أن مات ولم يقولوا: «وتركه إرثاً له» تكون الشهادة تامة؛ لأن الإنسان إذا ملك الشيء ولم يزل ملكاً له إلى أن مات صار ميراثاً له لا شبهة فيه ولا إشكال إذا ثبت أنه ابنه وأنه كان وارثه. فإن شهدوا أنه كان لأبيه لم يجب له حكم؛ لأنهم لم يذكروا انتقال الملك صريحاً ولا ما يوجبه. والاستحلاف مع البينة قد مضى القول فيه.
  قال: فإن أقام الذي في يده الشيء البينة أنه ملكه على عين(١) أبيه ثبت في يده وبطل دعوى المدعي.
  وهذا مما لا خلاف فيه؛ لأن الذي في يده الشيء لو أقام البينة على أبيه الموروث قضي له بها عليه، فأولى أن يقضى بها على ابنه الوارث؛ لأن الموروث أوكد حالاً في ذلك من الوارث؛ ولأن ذلك يمنع انتقال الملك إلى الوارث.
  فإن قيل: إذا كنتم تجعلون بينة الخارج أولى فكيف جعلتم هاهنا بينة من في يده الشيء أولى؟
  قلنا له: إن بينته قد حققت انتقال الملك إليه وثبوته له، وليس كذلك بينة من
(١) في (هـ): غير.
(*) لفظ التحرير (٤٦٧): فإن أقام الذي في يده الشيء البينة بأنه ملكه من جهة أبيه وانتقل منه إليه قبلت بينته وبطلت دعوى الابن.