باب القول في الدعوى والبينات
  في يده الشيء(١)؛ لأنها بينة الظاهر دون التحقيق، على أنه قد صار مدعياً في هذه المواضع، فوجب أن تكون بينته أولى، كالخارج لما كان هو المدعي كانت بينته أولى.
  فإن قيل: فأنتم لا تسمعون بينة من في يده الشيء على النتاج مع بينة المدعي، فكيف تسمعون بينته على الشراء؟
  قيل له: لأن النتاج لا يوجب الملك ولا انتقاله، والشراء يوجب انتقال الملك إليه، فوجب القضاء به.
مسألة: [في رجل أتى رجلاً برسالة بعض الناس وأخذ منه مالاً ثم وقع التجاحد]
  قال: ولو أن رجلاً أتى رجلاً برسالة بعض الناس وأخذ منه مالاً ثم وقع التجاحد كان الحكم بين الدافع وبين المدفوع إليه، وهو الرسول، على الدافع البينة، وعلى المدفوع إليه اليمين إن أنكر، ثم يكون الحكم بين الرسول والمرسل، على الرسول البينة، وعلى المرسل اليمين(٢).
  اعلم أن هذه المسألة تكون على وجهين: أحدهما: أن يكون الرسول مكذباً للدافع.
  والثاني: أن يكون مصدقاً له.
  فإن كان مكذباً له فعلى الدافع البينة، وعلى الرسول اليمين؛ لأنه ادعى دفع مال إليه وهو له منكر، وليس للرسول إن ثبت المال عليه بالبينة أن يدعيه على المرسل؛ لأنه إذا أنكر أن يكون أخذ من الدافع شيئاً فقد تضمن إنكارُه ذلك الإقرارَ أنه لم يدفع(٣) إلى المرسل شيئاً، فلا يصح أن يدعي عليه دفعه.
  وإن كان مصدقاً للدافع أنه أخذه منه وادعى دفعه إلى المرسل وأنكره
(١) أي: في غير هذا، وهي التي ترجح الخارجة عليها. (من هامش هـ).
(٢) المنتخب (٥١٠).
(٣) في (هـ): يسلم.