باب القول في الإقرار
  أحدهما: أن ثبوت الولد ولد الرجل يمكن أيضاً أن يعرف بالبينة، بأن يعلم أنه ولد على فراشه.
  والثاني: أن هذا منتقض، وذلك أن النكاح والولاء يمكن أن تعرف صحتهما من غير جهة المقر، ولا خلاف أن الإقرار بهما يصح ما(١) لم يكن بين المقر والمقر له واسطة، فلا يمتنع أن يجوز إقرار المرأة بالولد وإن صح أن يعلم من غير جهتها.
مسألة: [في الإقرار بالدين]
  قال: والإقرار بالدين جائز في الصحة والمرض، للوارث وغير الوارث(٢).
  لا خلاف في جواز إقرار المريض بالدين، وإنما الخلاف فيه إذا كان هناك غرماء في حال الصحة، قال أبو حنيفة: يقدمون على من أقر له في حال المرض، وقال الشافعي: يساوى بينهم. وهو الصحيح.
  ووجهه: أنهم جميعاً قد استووا في ثبوت حقهم في ذمة المريض، واشتركوا في السبب الموجب، فوجب أن يستووا في [الحق، كغرماء الصحة لو انفردوا، وغرماء المرض لو انفردوا. وأيضاً لا خلاف أنهم سواء في وجوب تقديم حقهم على الوصية والإرث، فوجب أن يستووا في الاستيفاء](٣) ولا خلاف أنهم يستوون إذا كان وفاء، فكذلك إذا كان عجز. ولا خلاف أنه لو ثبت الحق بالبينة استوى غرماء الصحة والمرض، كذلك إذا ثبت بالإقرار، والمعنى أن كل واحد منهما يوجب الحق. ويستدل على ذلك بقول الله ø: {كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِالْقِسْطِ ...} الآية [النساء: ١٣٤]، فكيف يأمره بالإقرار بما عليه ويمنع تصديقه؟ وقال: {وَلْيُمْلِلِ اِ۬لذِے عَلَيْهِ اِ۬لْحَقُّ}[البقرة: ٢٨١]، فكيف يأمره بأن يمل ولا يصدق؟
(١) في (أ، ج): لمَّا.
(٢) الأحكام (٢/ ١١٠، ١١١، ١١٢) والمنتخب (٥٢٨، ٥٤٣).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (أ).