شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الإقرار

صفحة 216 - الجزء 6

  ولأن الخصومة وسائر ما ذكرنا يشتمل على الإقرار والإنكار، وينتظم الأمرين جميعاً، فوجب أن يكون ذلك - أعني الإقرار - داخلاً تحت التوكيل، وإذا كان داخلاً فيه وجب جوازه. وأيضاً يصح من الوكيل إبراؤه⁣(⁣١) بالقبض فيجب أن يصح منه إبراؤه بالإقرار، دليله الموكل، ألا ترى أن الأجنبي لما لم يجز إبراؤه بالإقرار لم يجز إبراؤه بالقبض؟

مسألة: [فيما يحمل عليه إقرار الرجل أن لفلان عليه دراهم كثيرة]

  قال: وإذا أقر الرجل أن لفلان عليه دراهم كثيرة حمل على مائتي درهم تخريجاً.

  خرجه أبو العباس الحسني ¥ من قوله في الأحكام في تزكية ما لا يكال: إنه لا شيء فيه إن كان يسيراً لا يبلغ في السنة مائتي درهم، إلا أن تكثر غلاته وتعظم حتى تبلغ مائتي درهم ففيه العشر.

  ووجهه: أنه ثبت في الشرع أن مائتي درهم كثير؛ لأن الكثير هو ما يكون الإنسان به غنياً مكثراً، وما لا يكون به الإنسان غنياً مكثراً لا يكون كثيراً، فإذا كان ذلك كذلك وقد قال النبي ÷ لمعاذ: «خذ من أغنيائهم، ورد في فقرائهم» ثبت أن من تكون معه مائتا درهم يكون غنياً، وذلك يوجب أن مائتي درهم كثير بالشرع، فإذا ثبت ذلك وجب أن يكون الإقرار بالشيء⁣(⁣٢) محمولاً على ما يفيده الشرع، ألا ترى أن من أقر بالنكاح كان ذلك محمولاً على ما هو نكاح من جهة الشرع؟ وكذلك الإقرار بالبيع محمول على ما يكون بيعاً من جهة الشرع، وكذلك الوقف والنسب والولاء؟ فكذلك⁣(⁣٣) الكثير يجب أن يكون الإقرار به محمولاً على ما يوجب الشرع أن يكون كثيراً.


(١) في المخطوطات: إقراره. والمثبت نسخة في (د، هـ)، ومظنن به في (ب).

(٢) في (أ، ب، ج، هـ): بالشرع.

(٣) في (ب، د): وكذلك.