شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 223 - الجزء 6

  قيل له: قد قال الله تعالى: {۞وَمِنْ أَهْلِ اِ۬لْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٖ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَۖ}⁣[آل عمران: ٧٤]، فأخبر عنهم أن منهم من يكون أميناً.

  فإن قيل: فيلزمكم أن تجيزوا شهادتهم على المسلمين؟

  قيل له: الشرع منع من ذلك، ولا يمتنع أن يكون الإنسان من أهل الشهادة ممن تقبل شهادته ثم لا تقبل في موضع دون موضع، كالمرأة وإن كانت من أهل العدالة والعفاف لا تقبل شهادتها في القصاص والحدود، وعند الشافعي في النكاح، فلا يمتنع أن تقبل شهادة الذمي في موضع دون موضع.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُواْ}⁣[الحجرات: ٦]، والكافر فاسق.

  قيل له: المراد به من فسق من جهة الفعل لا على وجه التدين؛ للأدلة التي ذكرناها، ويكشف ذلك شهادة أهل الأهواء وإن فسقوا، ويكشف ذلك أن البغاة الذين حاربوا علياً # فسقوا ولم يمتنع أحد من العلماء من قبول أخبارهم وإن كان لا يقبل إلا خبر العدل؛ لأن فسقهم كان من جهة التدين لا من جهة التهتك. فإن قاسوهم على من فسق من المسلمين ناقضناهم بالخوارج والبغاة.

  فإن قيل: فإنهم يرتكبون أموراً لو ارتكبها المسلم سقطت عدالته، كشرب الخمر وأكل لحم الخنزير وما أشبه ذلك، فأولى أن تسقط عدالتهم.

  قيل له: إنما سقطت عدالة المسلمين بهذه الأفعال لأنهم لا يفعلونها تديناً، بل تهتكاً، والذمي يفعلها تديناً لا تهتكاً، فلم يجب أن تسقط عدالته. يكشف ذلك أن من شرب النبيذ المحلل عند أبي حنيفة وكان حنفياً لم تسقط عدالته؛ لأنه شربه متديناً، ومتى شربه من كان من أصحابنا أو أصحاب الشافعي سقطت عدالته؛ لأنه شربه تهتكاً لا تديناً.

  فإن ناقضونا بالمرتد قيل لهم: إنه ليس من أهل الملل، وكلامنا في أهل الملل،