باب القول في الشهادات
  فإن شئت زدت في العلة فقلت: إنه محقون الدم على التأبيد فسق تديناً، احترازاً من المرتد.
  فأما المنع من شهادة اليهود على النصارى أو النصارى على اليهود فالأصل فيه قوله ÷: «لا تجوز شهادة ملة على ملة، إلا ملة المسلمين فإنها تجوز على الملل كلها».
  فإن قيل: الكفر كله ملة واحدة.
  قيل له: الخبر قد دل على خلاف ما ذهبت إليه؛ لأنه ÷ لما قال: «على الملل كلها» أثبت ثلاث ملل، فبان أن بعد ملة الإسلام أكثر من ملة واحدة.
  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال: إنه ÷ عبر عن الملتين بالملل؛ لأن الاثنين قد يعبر عنهما بلفظ الجمع؟
  قيل له: ذلك يكون مجازاً، وقول النبي ÷ لا يحمل على المجاز إلا بالدلالة، وقد استقصيناه في كتاب النكاح في مسألة منع التناكح بين اليهود والنصارى، فلا وجه لإعادته.
  وإذا(١) ثبت أن الكفر ملل كثيرة فلك أن تقيس شهادة اليهودي على النصراني على شهادة النصراني على المسلم؛ بعلة أنها شهادة كافر على غير أهل ملته، وإن شئت قلت: هي شهادة كافر على من لا يدين بشريعته؛ لئلا يحتاج إلى ذكر اختلاف الملل.
مسألة: [في شهادة المملوك]
  قال: وتجوز شهادة العبد إذا كان عدلاً(٢).
  قال أصحابنا: المراد به إذا شهد لغير سيده. وقال عثمان البتي: تجوز شهادة العبد لغير سيده، وذكر أن ابن شبرمة كان يراها جائزة، ويروى ذلك عن شريح.
(١) في (أ، ب، ج، د): وإن.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٥٧) والمنتخب (٥١٦).