كتاب القضاء والأحكام
  قيل له: لم تكن العلة فيهما ما ذكرت، بل العلة فيهما أنه لا يصح وصفهما بالعدالة، وليس كذلك العبد. ويبين أن الولاية ليس سبيلها سبيل الشهادة أن المخالف في هذا لا يجوز شهادة الأب لولده وإن كانت(١) ولايته عليه أقوى الولايات ما دام صغيراً.
  فإن قيل: شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل لما كان ميراثها على النصف من ميراث الرجل، فبان أن الشهادة معتبرة بالإرث، فإذا لم يكن العبد من أهل الميراث لم يكن من أهل الشهادة.
  قيل له: لا يصح اعتبار الشهادة بالميراث من وجوه:
  أحدها: أن المرأة لا يطلق أن شهادتها أبداً على النصف من شهادة الرجل؛ لأنا لا نقبل شهادتها أصلاً في الحدود والقصاص، وتقبل شهادة امرأة وحدها فيما لا يطلع عليه الرجال، فتكون شهادتها بمنزلة شهادة رجلين. ولا يصح إطلاق القول بأن المرأة على النصف من الرجل في الميراث؛ لأن في بعض المسائل تكون المرأة والرجل في الإرث سواء، وفي بعضها تسقط المرأة ولا يسقط الرجل، [وفي بعض المسائل يسقط الرجل ولا تسقط المرأة، وذلك في مسائل العول](٢) فإذا صح ذلك بطل ما اعتقدوه(٣).
  فإن قيل: قول الله تعالى: {عَبْداٗ مَّمْلُوكاٗ لَّا يَقْدِرُ عَلَيٰ شَےْءٖ}[النحل: ٧٥] يوجب سقوط الشهادة من العبد(٤)؛ لأن الظاهر أنه لا يقدر على شهادة لها حكم.
  قيل له: أما الشهادة فقد علمنا ضرورة أنه يقدر عليها، فثبت أنها غير مرادة بالآية، وقولهم: لا يقدر على شهادة لها حكم لا معنى له؛ لأن كونها مما يحكم بها
(١) في (أ، ب، ج، د): كان.
(٢) ما بين المعقوفين من (ب، د).
(٣) كذا في المخطوطات. ولعلها: اعتمدوه.
(٤) في (ب، د، هـ): سقوط شهادته.