شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 227 - الجزء 6

  أو لا يحكم بها ليس مما يدخل تحت المقدور؛ لأنه أمر يرجع إلى أمر الله ø من جهة النص والاجتهاد، فلا معنى للتعلق بالآية.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَلَا يَأْبَ اَ۬لشُّهَدَآءُ اِ۪ذَا مَا دُعُواْۖ}⁣[البقرة: ٢٨١]، والعبد ممنوع من الإجابة بحق المولى، فلم يدخل في الآية.

  قيل له: المراد بالآية: ولا يأب الشهداء مع ارتفاع الموانع، ألا ترى أن الحر قد يأباها لمرض أو خوف، أو كونه محبوساً لحق الغير، أو لكونه ملازماً؟ وإذا كان كذلك صح أن يكون العبد داخلاً في الآية. على أن العبد إذا لزمته إقامة الشهادة فلا يمتنع أن نقول: يقيمها لوجوبها كالصلاة المفروضة والصيام المفروض وإن أخل ذلك بحق المولى.

مسألة: [في شهادة الابن لأبيه والأب لابنه والأخ لأخيه]

  قال: وشهادة الابن لأبيه والأب لابنه والأخ لأخيه⁣(⁣١) جائزة إذا كانوا عدولاً⁣(⁣٢).

  أما شهادة الأخ لأخيه فلا خلاف في جوازها بين العلماء، إلا ما يحكى عن الأوزاعي من منعها، والإجماع يقضي عليه، وعامة ما يستدل به على جواز شهادة الابن لأبيه والأب⁣(⁣٣) لابنه يدل على ذلك.

  وأما شهادة الابن لأبيه والأب لابنه فقد حكي عن عثمان البتي أنه أجازها بشرط أن يكون الشاهد عدلاً مهدياً فاضلاً، كأنه اشترط في هذا الموضع في باب العدالة⁣(⁣٤) أزيد مما يشترط في غيره، وهو رأي كثير من أهل البيت $، وذهب أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما وعامة العلماء إلى أنها لا تجوز، وما ذكرناه من الظواهر من قوله ø: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَےْ عَدْلٖ مِّنكُمْ}⁣[الطلاق: ٢]، وقوله


(١) في (أ، ج): لأخته.

(٢) الأحكام (٢/ ٣٩٧) والمنتخب (٥٢١).

(٣) في (أ، ب، ج، د): أو الأب.

(٤) في (هـ): من العدالة.