باب القول في الشهادات
مسألة: [في شهادة ذي الرحم لرحمه]
  قال: وتجوز شهادة كل ذي رحم لرحمه إذا كان عدلاً(١).
  وهذا مما لا خلاف فيه إلا ما تقدم بيانه، وبما أجمع عليه من ذلك يستدل على ما اختلف فيه، والله أعلم.
مسألة: [في شهادة الأعمى]
  قال: ولا تجوز شهادة الأعمى.
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والشافعي.
  وقال مالك والليث: تجوز. وحكي عن بعضهم أنه أجازها إن كان تحملها قبل العمى، [ولم يجز ما تحمله في العمى](٢).
  والدليل على ذلك قول الله ø: {۞وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌۖ}[الإسراء: ٣٦]، فنهى عن اتباع القول بغير علم، والأعمى يقول بالظن والحسبان دون العلم، وقال الله تعالى: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَۖ ٨٦}[الزخرف]، فبين ø أن الممدوح من شهد بالحق وهو عالم به.
  وروي عن ابن عباس قال: سئل رسول الله ÷ عن الشهادة قال: «ترى هذه الشمس؟ على مثلها فاشهد، وإلا فدع»(٣).
  وروي أنه ÷ قال: «لا تشهد على شهادة حتى تكون أضوأ من الشمس»(٤).
  فاقتضى ذلك أن الشاهد لا يشهد إلا على ما يتيقنه، والأعمى إنما يشهد على الصوت، والصوت قد يشبه الصوت، وقد يتعمد(٥) التشبه بصوت غيره(٦)
(١) المنتخب (٥٢١).
(٢) ما بين المعقوفين من (أ، ج).
(٣) أخرجه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٥٧) والبيهقي في شعب الإيمان (١٣/ ٣٤٩).
(٤) أخرجه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٥٧).
(٥) في (ب، د): يتعمل.
(٦) في (ب، د، هـ): لتشبيه الصوت بغيره.