شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 232 - الجزء 6

مسألة: [في شهادة ذي الرحم لرحمه]

  قال: وتجوز شهادة كل ذي رحم لرحمه إذا كان عدلاً⁣(⁣١).

  وهذا مما لا خلاف فيه إلا ما تقدم بيانه، وبما أجمع عليه من ذلك يستدل على ما اختلف فيه، والله أعلم.

مسألة: [في شهادة الأعمى]

  قال: ولا تجوز شهادة الأعمى.

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والشافعي.

  وقال مالك والليث: تجوز. وحكي عن بعضهم أنه أجازها إن كان تحملها قبل العمى، [ولم يجز ما تحمله في العمى]⁣(⁣٢).

  والدليل على ذلك قول الله ø: {۞وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِۦ عِلْمٌۖ}⁣[الإسراء: ٣٦]، فنهى عن اتباع القول بغير علم، والأعمى يقول بالظن والحسبان دون العلم، وقال الله تعالى: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَۖ ٨٦}⁣[الزخرف]، فبين ø أن الممدوح من شهد بالحق وهو عالم به.

  وروي عن ابن عباس قال: سئل رسول الله ÷ عن الشهادة قال: «ترى هذه الشمس؟ على مثلها فاشهد، وإلا فدع»⁣(⁣٣).

  وروي أنه ÷ قال: «لا تشهد على شهادة حتى تكون أضوأ من الشمس»⁣(⁣٤).

  فاقتضى ذلك أن الشاهد لا يشهد إلا على ما يتيقنه، والأعمى إنما يشهد على الصوت، والصوت قد يشبه الصوت، وقد يتعمد⁣(⁣٥) التشبه بصوت غيره⁣(⁣٦)


(١) المنتخب (٥٢١).

(٢) ما بين المعقوفين من (أ، ج).

(٣) أخرجه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٥٧) والبيهقي في شعب الإيمان (١٣/ ٣٤٩).

(٤) أخرجه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٨/ ٥٧).

(٥) في (ب، د): يتعمل.

(٦) في (ب، د، هـ): لتشبيه الصوت بغيره.