شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 233 - الجزء 6

  حتى لا يكاد يغادر منه شيئاً في النغمة وغيرها. وأيضاً قد ثبت أن البصير إذا لم يتحقق ما يشهد به لا يجوز أن يشهد، فيجب ألا تجوز شهادة الأعمى قياساً عليه؛ لأنه لا يتحقق ما يشهد به، إنما يظن ذلك.

  فإن قيل: يجوز أن يعلم الأعمى من يشهد عليه على التحقيق؛ بأن يتعلق به ويأخذ بعض أعضائه ثم يسمع منه إقراراً ثم يشهد به قبل أن يفارقه ويخليه عن⁣(⁣١) يده.

  قيل له: هذا أيضاً يجوز أن يقع فيه التلبيس؛ بأن يقرب رجل من الرجل المتعلق به فيقر بشيء، فيظن الأعمى أن المقر هو من تعلق به، على أن مثل هذا لا حكم له؛ لأنها شهادة لم تقع مثلها على ما بلغنا قط، ويبعد أن يتفق وقوع مثلها فيما بعد. على أنه إذا ثبت أن شهادة الأعمى في سائر المواضع غير مقبولة جاز أن نمنع من هذه الشهادة؛ لأن أحداً من المسلمين لم يفرق بينها وبين سائر الشهادات.

  فإن قيل: ففي الشهادات ما تجوز إقامتها بالاستفاضة من دون المعاينة، فأجيزوا فيها شهادة الأعمى.

  قيل له: هذا وإن كان كذلك فلا بد من إقامة هذه الشهادة على الخصم ومع ادعاء المدعي، والأعمى لا يحصل له العلم بهما. ويمكن أن يقال: إن شهادته لما لم تجز في المبصرات لم تجز في المسموعات؛ بدلالة شهادة الفاسق والصبي والمجنون، فلا ينتقض بالأصم؛ لأنه تجوز شهادته بالمبصرات⁣(⁣٢)؛ لأنه عكس ما قلنا، وليس هو بنقض له.

  على أن بينهما فرقاً، وذلك أن الأصم يتحقق المبصرات، وليس كذلك


(١) في (هـ): من.

(٢) في (أ): وذلك أن الأصم يتحقق بالمبصرات.

(*) في (هـ): في المبصرات.