شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 234 - الجزء 6

  الأعمى؛ [لأنه لا يتحقق المسموعات]⁣(⁣١) لأنه لا يدري ممن يسمع، وإنما يظن.

  فإن قيل: إن خبر الأعمى يقبل، وقد قبل الناس أحاديث أزواج النبي ÷ من غير رؤيتهن، فكذلك تجوز شهادة الأعمى.

  قيل له: هذه الشهادة ليست كالخبر؛ لأن الخبر يثبت به الحكم إذا قال فلان عن فلان، ومثله لا يصح في الشهادة، ويجوز عندنا في الأخبار الإرسال، ولا يجوز في الشهادة، والأصل فيه أنه تسومح في الأخبار ما لم يتسامح في الشهادة، ألا ترى أن الأخبار الواردة في القصاص والحدود وإن كانت من جهة النساء تقبل، وشهادتهن في ذلك لا تقبل؟ ويصح أن يقال في جواب ما سألوا: إن الأحكام تثبت من جهة الاستدلال، فلا يمتنع أن يكون ذلك حال الخبر المثبت لها، وليس كذلك ما يقضي به القاضي؛ لأنه لا يثبت بالاستدلال، فكذلك ما يثبت به القضاء من الشهادة.

  فإن سألوا عمن ذهب بصره من الأنبياء $ قيل لهم: لا يمتنع أن حال الشهادة في شرائع من كان قبلنا لم يكن كحالها الآن بالتشدد فيها، على أن الأنبياء لا يمتنع أن يزيدهم الله ø بمزيد المعرفة وإن كان ذلك ناقضاً للعادة؛ لأن أكثر ما فيه أن يكون ذلك معجزاً، فليس⁣(⁣٢) يلزم سؤالهم.

  فإن قيل: إذا جاز أن يزوج الأعمى ابنته الصغيرة فهلا جاز أن يشهد؛ لأنه لا يجوز أن يزوج حتى يعلم حظها، وذلك متعذر⁣(⁣٣) مع العمى.

  قيل له: الفرق بينهما أن الحظ المبتغى يجوز أن يعلم من جهة الأخبار، ألا ترى أنه يجوز أن يزوج ابنته الصغيرة من غائب لم يره قط إذا غلب ظنه⁣(⁣٤) من


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).

(٢) في (ب، د، هـ): فلا.

(٣) في (هـ): وذلك لا يجوز.

(٤) في (أ، ج): عليه.