شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الشهادات

صفحة 236 - الجزء 6

  الولادة واستهلال الصبي. وعن مالك: لا يقبل أقل من امرأتين، وروى ذلك عن ابن أبي ليلى، وروي عنه أيضاً مثل قولنا. وحكي مثل قولنا عن الشعبي وإبراهيم، وروي ذلك عن علي #(⁣١)، وذكر عن هشام أنه روى ذلك عن علي # في القابلة.

  ووجهه: أنه روي عن النبي ÷ أنه قبل شهادة القابلة⁣(⁣٢)، والظاهر أنه قبلها وحدها؛ ولأنه لا فائدة في رواية ذلك إن كان قبلها مع غيرها. وأيضاً قد علمنا أن الذي يجوِّز قبول شهادة النساء وحدهن فيما لا يطلع عليه الرجال إنما هو الضرورة، ولا ضرورة إلا إلى واحدة، فيجب ألا يكون بأكثر منها اعتبار. على أنه قد تكون الشهادة على أمر لا يحل النظر إليه [إلا لعذر، فإذا نظرت إليه الواحدة فلا ضرورة بعد ذلك، فلا وجه لجواز نظر أخرى إليه، فجرى مجرى الرجل، وليس يلزم عليه الرجلان فيما لا يحل النظر إليه]⁣(⁣٣) للرجال إلا لعذر؛ لأن الدلالة قد دلت على أن الرجل الثاني في حكم الأول، وليس كذلك النساء. وأيضاً قد ثبت أنه لا حكم لعددهن إذا انفردن، وذلك أن خمساً منهن أو أكثر لو شهدن بمال كانت الواحدة والعدة الكثيرة منهن سواء في أن شهادتهن لا تقبل، فوجب ألا يكون لعددهن معتبر في مسألتنا، والمعنى انفرادهن عن الرجال، فكل موضع ينفردن فيه⁣(⁣٤) عن الرجال فيجب أن تكون الواحدة والعدة الكثيرة فيه سواء. وأيضاً قول المرأة الواحدة مقبول في نقل أخبار الأحكام، فكذلك فيما


(١) أخرجه في مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٦)، ولفظه: حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $: أنه قضى بشهادة امرأة واحدة وكانت قابلة على الولادة، وصلى عليه بشهادتها، وورثه بشهادتها.

(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٥/ ٤١٦) والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٥٤) بلفظ: أجاز شهادة القابلة.

(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).

(٤) «فيه» ساقط من (أ، ب، ج، د).