باب القول في الشهادات
  اختلفنا فيه، والعلة أنه قول ليس من شرط صحته انضمام قول رجل إليه.
  فإن قيل: فحال الرجل أسوأ في هذا من حال المرأة؛ لأن شهادة الرجل الواحد لا تقبل بحال.
  قيل له: هذا مما لا نص فيه عن أصحابنا، وقد حكي عن ابن سماعة أنه ذكر في نوادره عن محمد أن الرجل الواحد لو فاجأها وهي تلد ولم يتعمد النظر وشهد بذلك أن شهادته وحده مقبولة. وليس هذا ببعيد لو قلناه.
  وحكي(١) عن الطحاوي أنه استدل على ذلك بأن قال: قد ثبت وجوب قبول شهادة النساء في الولادة، فنظرنا هل هو لأنه لا يصلح للرجال النظر في تلك الحال فأقيم النساء مقام الرجال، أو لأنها أصل في نفسها لا يعتبر بالرجال، فلما وجدنا الشهادة على الزنا لا تجوز إلا لأربعة رجال وإن كان محرماً على الرجال النظر إلى ذلك الموضع لغير ذلك، ولم يجب أن يقمن النساء فيه مقام الرجال - علمنا أن ذلك جاز(٢) لأنه أصل بنفسه، فإنهن(٣) لا يقمن فيه مقام الرجال مثل الحقوق، فوجب أن يسقط اعتبار العدد.
فصل: [في العمل بقول المرأة: إني أرضعت فلاناً وزوجته]
  قال يحيى بن الحسين #: وإذا قالت امرأة واحدة: إني أرضعت رجلاً وزوجته، رأينا أن يكف عنها ويخلي سبيلها؛ مخافة أن يكون الأمر كما ذكرت، والاحتياط فيه أصلح(٤).
  فخرج ذلك أبو العباس الحسني في النصوص على الاحتياط والاستحباب؛ لأن ظاهر قوله لا يتضمن وجوب الفسخ، وإنما أشار إلى الاحتياط؛ ولأن
(١) في (هـ): وذكر.
(٢) لفظ مختصر اختلاف العلماء (٣/ ٣٤٧): علمنا أن شهادة النساء أصل بنفسها.
(٣) كذا في المخطوطات، ولعلها: وأنهن.
(٤) الأحكام (٢/ ٣٧٠).