باب القول في الوكالة
  فإن قيل: الثمن الذي يلزم الآمر غير ملفوظ به في لفظ التوكيل، وإنما يلزمه حكماً، فلم يصح اعتبار العموم [فيه](١).
  قيل له: الثمن في حكم المنطوق به؛ لأنه إذا قال له: اشتر هذا العبد فكأنه قال: اعقد فيه عقداً أستحق به العبد ويستحق عليَّ الثمن، وإن وقع الاستحقاقان في الحال الثاني(٢)، وكذلك الآمر بالبيع على هذا السبيل يجري أمره، فكأنه قال: اعقد فيه عقداً يستحق به علي العبد(٣) وأستحق الثمن، وإن وقع الاستحقاقان في الحال الأول، وانفصال البيع عن الشراء من هذا الوجه لا يؤثر، فيكون الثمن في الموضعين كالمنطوق به. على أن العموم الذي يدعونه في لفظ البيع مثله موجود في لفظ الشراء، فوجب أن يستوي الأمران.
  فإن قيل: إن المشترى ينتقل إلى الوكيل وإن لم يستقر ملكه فيه، ومن جهته ينتقل إلى الموكل، فلما التزم زيادة على الثمن لم يجب أن تلزم الآمر، وليس كذلك البيع؛ لأنه ينتقل من الآمر إلى المشتري.
  قيل له: هذا الفصل وإن كان صحيحاً فهو غير مؤثر فيما قلناه؛ لأن المشترى ينتقل إلى الآمر بلفظ الشراء وإن انتقل إلى الوكيل أولاً، ولا يحتاج لانتقاله إلى المشتري من(٤) الوكيل أمراً آخر، فهو مثل الأمر بالبيع، [والله أعلم وأحكم](٥).
(١) ما بين المعقوفين من شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٢٨٣) ولفظه: وإنما يلزمه من طريق الحكم فلم يصح اعتبار العموم فيه، وإنما ذكر في لفظ الوكالة بالشراء العبد المشترى، وهو في ملك غيره، ولا يصح اعتبار عموم لفظ في غير ملكه، فأشبه الوكيلُ بالشراء من هذا الوجه الوصيَّ والأب، لما كان تصرفهما على الصغير من جهة الحكم لم يجز تصرفهما إلا بما يتغابن الناس فيه.
(٢) أي: بعد العقد ودخوله في ملك الوكيل. (من هامش هـ).
(٣) في (أ، ج): يستحق علي العبد. وفي (ب، د): يستحق به العبد.
(٤) في (أ، ج): عن.
(٥) ما بين المعقوفين من (أ).