شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الكفالة والحوالة

صفحة 289 - الجزء 6

باب القول في الكفالة والحوالة

  الكفالة بالوجوه جائزة⁣(⁣١).

  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وهو أحد قولي الشافعي، والقول الثاني: إنها ضعيفة.

  والأصل فيها: ما روي عن النبي ÷: «الزعيم غارم»، والزعيم هو الكفيل، ولم يبين زعيماً للنفس أو للمال، فهو على العموم. وقال الله ø حاكياً عن يعقوب #: {لَنْ أُرْسِلَهُۥ مَعَكُمْ حَتَّيٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاٗ مِّنَ اَ۬للَّهِ لَتَأْتُنَّنِے بِهِۦ}⁣[يوسف: ٦٦]، وهو الكفالة، وروي الكفالة بالنفس عن علي # فيما كان بينه وبين ابن عمر. وعن ابن مسعود أنه حين قتل ابن النواحة⁣(⁣٢) بالكوفة فاستشار الصحابة فأشاروا عليه بأن يكفلهم عشائرهم⁣(⁣٣)، فصار ذلك إجماعاً منهم؛ إذ لم يرو إنكاره عن أحد منهم، وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ أن رجلاً كفل لرجل بنفس رجل فحبسه حتى جاء به⁣(⁣٤).

  وهي من العقود المشهورة المتعارفة بين المسلمين من لدن الصحابة إلى يومنا هذا لم يعرف فيها النكير، فصار إجماعاً، وقد ثبت أن حضور الخصم حق لخصمه⁣(⁣٥) يستوفيه عليه بنفسه وبالحاكم، ألا ترى أن الحاكم يلزمه ذلك ويكرهه عليه؟ فوجب أن تصح الكفالة به؛ دليله الكفالة بالمال، ويحترز من الحدود بأن يقال: لا تسقطه الشبهة.

  فإن قيل: هو غرر، وقد نهينا جملة عن الغرر.

  قيل له: ذلك ليس بغرر؛ لأن إحضاره المكفول به أمر معلوم مضبوط. على


(١) انظر المنتخب (٥٧٦).

(٢) في (أ، ب، ج، هـ): رواحة. وهو تصحيف.

(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦/ ١٢٧).

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٠٢).

(٥) لفظ شرح القاضي زيد: ولأن حضور المدعى عليه مجلس الحكم حق المدعي يستوفيه بنفسه وبالحاكم لا تسقطه الشبهة.