باب القول في الكفالة والحوالة
  استقرض ذلك منه، ويبين(١) ذلك أن رجلاً لو قال لآخر: «اقض عني فلاناً ما(٢) له علي من الدين» أنه بمنزلة من يقول: «ملكني الألف الذي في ذمتي بألف تقضيه(٣) عني على أن أضمن لك مثله»، يكشف ذلك أن رجلاً لو قال لآخر: «اشتر لي هذا العبد بألف، ووفر الثمن من عندك» كان كأنه قال: وفر(٤) الثمن فيكون لك علي مثله.
  فإن قيل: ولم قلتم في جميع ذلك: إنه بمنزلة من التزم ضمان مثل ما يعطيه صاحبه؟
  قيل له: لأن العادة جرت بأن مثل ذلك يكون على سبيل الضمان، وأن الملتمس ذلك لا يسأله على سبيل التبرع، وهو بمنزلة أن يقول الرجل للجمال: احمل لي هذا الحمل إلى موضع كذا، وهو يريد لأوفيك الأجرة، ولهذا تجب الأجرة، وبمنزلة من يقول لآخر: «قد احتجت إلى ألف درهم فأعطنيه»(٥) أنه يجري مجرى قوله: أقرضني ألف درهم، فلما كان ذلك كله عادة جارية في تلك المعاملات وجب أن تحمل عليه الإطلاقات التي ذكرناها، ويجرى هذا مجرى قوله للخياط: خط لي هذا الثوب، فلهذا تجب فيه(٦) الأجرة.
  قال: فإن ضمنه بغير إذن المضمون عنه فأخذ المال منه لم يرجع على المضمون عنه بشيء مما دفعه إلى صاحب المال(٧).
  وهذا أيضاً مما لا أحفظ فيه خلافاً؛ لأنه متبرع به، والأصل فيه ضمان أبي
(١) في (ب، د): «يبين» بدون واو.
(٢) «ما» ساقط من (أ، ج).
(٣) في شرح القاضي زيد: تعطيه.
(٤) في (أ، ج): وفِّ.
(٥) في (هـ): فإنه.
(٦) «فيه» ساقط من (هـ).
(٧) انظر الأحكام (٢/ ١٠٥).