شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الكفالة والحوالة

صفحة 298 - الجزء 6

  استقرض ذلك منه، ويبين⁣(⁣١) ذلك أن رجلاً لو قال لآخر: «اقض عني فلاناً ما⁣(⁣٢) له علي من الدين» أنه بمنزلة من يقول: «ملكني الألف الذي في ذمتي بألف تقضيه⁣(⁣٣) عني على أن أضمن لك مثله»، يكشف ذلك أن رجلاً لو قال لآخر: «اشتر لي هذا العبد بألف، ووفر الثمن من عندك» كان كأنه قال: وفر⁣(⁣٤) الثمن فيكون لك علي مثله.

  فإن قيل: ولم قلتم في جميع ذلك: إنه بمنزلة من التزم ضمان مثل ما يعطيه صاحبه؟

  قيل له: لأن العادة جرت بأن مثل ذلك يكون على سبيل الضمان، وأن الملتمس ذلك لا يسأله على سبيل التبرع، وهو بمنزلة أن يقول الرجل للجمال: احمل لي هذا الحمل إلى موضع كذا، وهو يريد لأوفيك الأجرة، ولهذا تجب الأجرة، وبمنزلة من يقول لآخر: «قد احتجت إلى ألف درهم فأعطنيه»⁣(⁣٥) أنه يجري مجرى قوله: أقرضني ألف درهم، فلما كان ذلك كله عادة جارية في تلك المعاملات وجب أن تحمل عليه الإطلاقات التي ذكرناها، ويجرى هذا مجرى قوله للخياط: خط لي هذا الثوب، فلهذا تجب فيه⁣(⁣٦) الأجرة.

  قال: فإن ضمنه بغير إذن المضمون عنه فأخذ المال منه لم يرجع على المضمون عنه بشيء مما دفعه إلى صاحب المال⁣(⁣٧).

  وهذا أيضاً مما لا أحفظ فيه خلافاً؛ لأنه متبرع به، والأصل فيه ضمان أبي


(١) في (ب، د): «يبين» بدون واو.

(٢) «ما» ساقط من (أ، ج).

(٣) في شرح القاضي زيد: تعطيه.

(٤) في (أ، ج): وفِّ.

(٥) في (هـ): فإنه.

(٦) «فيه» ساقط من (هـ).

(٧) انظر الأحكام (٢/ ١٠٥).