شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الكفالة والحوالة

صفحة 307 - الجزء 6

  فإن قيل: قال ÷: «إذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل» أو «فليتبع»، فأمر بالاتباع بشرط الملاءة، فإذا زالت الملاءة فلا يجب أن يتبع.

  قيل له: ظاهر الخبر يوجب كونه مليئاً في حال الإحالة؛ لأنه ÷ قال: «إذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع»، ولم يشترط الملاءة في سائر أحواله⁣(⁣١)، ونحن لو استدللنا بالخبر كنا أسعد، وصح الاستدلال به؛ لأنا نقول: إنه أحيل⁣(⁣٢) به على مليء، فعليه اتباعه بقي على حاله أو أفلس. وأيضاً لا خلاف بيننا وبينهم أن الحوالة قد أوجبت نقل الحق عن المحيل.

  فإن قيل: العقود كلها مبنية على شرط سلامة الأبدال.

  قيل له: ليس كذلك، فإن المرأة لو ماتت قبل الدخول ثبت المهر واستقر، وكذلك لو صالح عن دم العمد وكان المصالح معدماً لم يرجع إلى القود، وإنما يجب ذلك في مواضع بشرط بقاء المعاملة، فأما مع زوال المعاملة فحدوث ما يحدث لا يوجب فسخ ما تقدم. على أنا قد اتفقنا أن الحق قد انتقل عن المحيل، فلا يجوز رجوعه إليه إلا بدلالة، ولا دلالة.

  فإن قيل: فالذمة الثانية بدل عن الذمة الأولى بشرط قبض ما فيها.

  قيل له: هو عندنا في حكم المقبوض؛ لذلك جاز إحالة ألف بألف.

  فإن قيل: فأنتم تقولون: إن المشتري إذا أفلس قبل توفير الثمن رجع البائع إلى عين ماله.

  قيل له: هذا لا يشبه ذلك؛ لأن المعاملة بين البائع والمشتري الذي أفلس لم تنقطع، ألا ترى أنه يطالبه بثمن السلعة؟ وإذا كانت المعاملة قائمة فلا نمتنع من ورود الفسخ على العقد، كتلف العبد قبل القبض، أو حدوث عيب به قبل القبض. على أنا لو قلنا: إن القياس يوجب خلاف قولنا في المشتري إذا أفلس


(١) «أحواله» ساقط من (أ، ج).

(٢) في (هـ): إنه إذا أحيل.