شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الصلح

صفحة 313 - الجزء 6

  لو كان على قطع الدعوى لوجب أن تسمع البينة بعده، ولو كان ذلك كذلك لم يجب إذا تصالحا عن الدراهم بالدنانير ألا يفترقا قبل القبض، فكل ذلك يبين فساد قول من قال: إنه مأخوذ على قطع الدعوى.

  فإن قيل: دخوله في الصلح يجري مجرى الاعتراف بجوازه.

  قيل له: كيف يجري مجرى الاعتراف بجوازه وهو منكر؟ ولو وجب ذلك لوجب لمن دخل في صلح المصادرة أن يكون ذلك منه يجري مجرى الاعتراف بجوازه.

  فإن قيل: الآخذ هناك معترف بالظلم.

  قيل له: إنهما وإن افترقا من هذا الوجه فقد اشتبها من حيث جمعنا بينهما، وليس يجب في الأصل أن يوافق الفرع⁣(⁣١) من كل وجه؛ لأن ذلك لو كان كذلك لكانا كالشيء الواحد.

  فإن قيل: كل متعاقدين دخلا في عقد فقد اعترفا بجوازه.

  قيل له: ليس كذلك؛ لأن المكره على عقد لا يكون معترفاً بجوازه.

  فإن قيل: ليس على من صالح على الإنكار إكراه.

  قيل له: هناك بعض الإكراه؛ لأنه يتفادى به من الأذى، وهذا القدر من الإكراه لا خلاف أنه يفسد عقد⁣(⁣٢) البيع وما أشبه ذلك.

  فإن قيل: تقدم الإنكار لا يمنع صحة الصلح بعده كما لا يمنع صحة الإقرار بعده.

  قيل له: الإقرار لا يجامع الإنكار، بل ينفيه، فيخلص الإقرار من الإنكار، وليس كذلك الصلح، فإنه يجامع الإنكار، ويقع مع الإنكار، فلم يجب أن يكون حكمه حكم الإقرار.


(١) لعل الصواب: في الفرع أن يوافق الأصل.

(٢) في (أ، ج): عقود.