شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب القضاء والأحكام

صفحة 326 - الجزء 6

  فإن قيل: صاحب الآبق طامع في أن يظفر به.

  قلنا: وبائع العبد طامع في أن يظفر بالثمن؛ بأن يؤسر المفلس إن كان حياً، وبأن يظهر له مال إن كان ميتاً.

  وحكي عن مالك أنه فرق بين الموت والحياة، فقال: هو أسوة الغرماء إذا مات المشتري، وأحق بعينه إذا أفلس وهو حي، فتعلق⁣(⁣١) بما روي: «أيما رجل هلك وعنده متاع امرئ بعينه فهو أسوة الغرماء»⁣(⁣٢).

  وهذا عندنا محمول على أنه أراد إن ترك الميت وفاء أو إن رضي البائع.

  وحكي عنه أنه قال: إذا مات فقد بطلت ذمته، فوجب أن يشترك الجميع فيه. وهذا أبعد؛ لأن بطلان الذمة يقتضي فساد الثمن وحدوث العيب فيه، فالأولى أن يكون للبائع الخيار في فسخ البيع، ألا ترى أن المرتهن أولى بالرهن من سائر الغرماء إذا أفلس الراهن أو مات مفلساً؟ فكذلك البائع لا يجب أن ينفصل حاله بين أن يفلس غريمه وبين أن يموت مفلساً.

  وحكي عن مالك أنه قال: إن وجده زائداً فإن لهم الخيار بين أن يعطوه ثمن المتاع وتباع السلعة لهم وبين أن يتركوه.

  وما ذهبنا إليه من أنه أولى به إن وجده زائداً به قال الشافعي.

  ووجهه: أن النبي ÷ جعله أحق به إذا وجده بعينه ولم يستثن حال الزيادة، كما لم يستثن حال النقصان ولا⁣(⁣٣) حال البقاء على ما كان عليه، فوجب أن يستوي حاله في ذلك. ولأن المرتهن يكون أولى بالرهن زائداً أو ناقصاً؛ لاستحقاقه سبب⁣(⁣٤) حقه، فكذلك مال المفلس. ولأن الخيار لما كان للبائع دون


(١) كذا في المخطوطات.

(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ٤٣٢).

(٣) في (أ، ب، ج، هـ): إلا.

(٤) لفظ شرح القاضي زيد: لاستحقاقه إياه لسبب حقه.