شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[باب القول في الغسل]

صفحة 318 - الجزء 1

  وذراعيه، ثم أفاض الماء على سائر جسده، ثم تنحى عن الموضع فغسل رجليه⁣(⁣١)».

  وفعل النبي ÷ يجب أن يحمل على الوجوب إذا كان بياناً لمجمل.

  ويدل على ذلك: ما روى أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أسود بن عامر، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن زاذان، عن علي # عن النبي ÷ قال: «من ترك موضع شعرة من جسده في جنابة لم يغسلها فعل به كذا وكذا من النار» قال علي #: (فمن ثم عاديت شعري) فكان # يجز شعره⁣(⁣٢).

  وروى الحارث بن وجيه، عن مالك بن دينار، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «تحت كل شعرة جنابة، فبلوا الشعر، وأنقوا البشر»⁣(⁣٣). فكل ذلك يقتضي وجوب المضمضة والاستنشاق في الاغتسال.

  ويدل على ذلك من طريق القياس: أنه عضو مقدور على غسله من غير تعذر ولا مشقة، فوجب أن يكون حكمه حكم سائر الأعضاء في وجوب غسله من الجنابة.

  ويمكن أيضاً أن يقال: بأنه عضو يلحقه حكم النجس فيجب أن يلحقه حكم الجنابة؛ قياساً على سائر الأعضاء في وجوب غسله من الجنابة.

  فإن استدلوا لإسقاط وجوبها بما روي عن النبي ÷ من قوله: «أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات فإذا أنا قد طهرت».


(١) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٦٤) ولفظه: ثم أفاض على رأسه ثم أفاض على سائر جسده الماء. وسيذكره الإمام كذلك قريباً في مسألة الوضوء قبل الغسل وبعده.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٩٦).

(٣) أخرجه ابن ماجه (١/ ١٩٦).