[باب القول في الغسل]
  ولم(١) يعرف عن أحد من الصحابة أنه خالفه، على أنا قد ذكرنا في غير موضع أن مذهبنا هو ألا نخالفه #.
  وأخبرنا أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا عيسى بن محمد، قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، قال: حدثنا يحيى بن الحِمَّاني(٢)، قال: حدثنا شريك، عن عطاء وزاذان وميسرة: أن علياً # كان يتوضأ بعد الغسل.
  وكان أبو العباس الحسني ¥ يستدل على ذلك بأن يقول: قد ثبت وجوب الترتيب في الوضوء، وأنه لا يجب في الاغتسال، فلو جوزنا الاقتصار على الغسل دون الوضوء كنا قد أسقطنا الترتيب مع قيام الدليل على أنه مأخوذ على المتطهر، وكنا قد جعلنا ما لا ترتيب فيه نائباً عما فيه الترتيب بغير دلالة. وكان يقول: إن قيل لنا: فما تقولون لو اغتسل من الجنابة مرتباً؟
  قيل لهم: ذلك الترتيب غير واجب بالإجماع، وما ليس بواجب لا ينوب عن الواجب.
  وبنحو هذا كان يسقط سؤال من يسأل فيقول: إذا أجزأ غسل واحد عن الحيض والجنابة، والوضوء الواحد عن الأحداث الكثيرة، فلم لا يجزئ الغسل الواحد من الجنابة والحدث؟ لأنه كان يعتمد أن الترتيب مشروط في أحدهما غير مشروط في الآخر.
  فإن قيل: روى أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة، قالت: «كان رسول الله ÷ لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة»(٣).
  قيل له: لسنا نقول: إن وقوع الوضوء بعد الاغتسال شرط في الاغتسال
(١) في (نخ): ولا.
(٢) بكسر أوله والتشديد.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٦٩).