كتاب القضاء والأحكام
  والثانية: أن يجوز له دفعها إليه إذا أتى بالوصف والعلامة وغلب صدقه، ولم يجب ذلك عليه. وهذان وجهان حسنان. وقيل فيها وجه ثالث: وهو أنه ÷ قد نبه على حفظ هذه المحقرات تعظيماً للأمانة.
  فإن قيل: فقد روي في بعض الأخبار: «فإن جاء صاحبها وعرفك(١) عفاصها ووكاءها فادفعها إليه».
  قيل له: فيه: «إن جاء صاحبها» ولم يكن عارفاً لمجيء صاحبها ما لم يعرف بالبينة أنه صاحبها، فلا يلزم الدفع إليه إلا بالبينة؛ لأنه لم يقل: فمن جاء وعرفك عفاصها ووكاءها فادفعها إليه.
  فإن قيل: فما الفائدة في ذكر الوعاء والعفاص مع ثبوت الحق لصاحبها مع البينة؟
  قيل له: لأن ذلك أيضاً مما يحقق قول الشاهدين ويؤكده، وما يزيد التأكيد للشهادة قد يطلب، على أنه قد قيل: إن راوي هذه الزيادة هو حماد بن سلمة، وأنه غلط فيها، وأنه كثير الغلط عند أهل النقل.
(١) في كتب الحديث: فعرف.