باب القول في الذبائح
  فيها فقد وقع الذبح ممن يصح ذبحه وهو بعد حي، فيجب أن يجوز أكله.
  وذهب محمد إلى أنه إن كان مما يعيش مدة كاليوم ونحوه جاز ذبحه(١)، وهذا لا معنى له؛ لأن الاعتبار إن كان بوجود الحياة فهو ما ذهبنا إليه، ولا وجه لتحديد البقاء بمدة دون مدة، وإن كان الاعتبار بما قاله أبو يوسف من أنه إذا علم أنها تموت في تلك الحالة لا محالة فلا وجه للاعتبار باليوم ونحوه.
مسألة: [في ذكاة الناد أو الساقط في بئر]
  قال: ولو أن رجلاً أراد أن ينحر جزوراً أو غيره من الأنعام فند ولم يقدر على أخذه، فرماه بسهم أو بسيف أو طعنه فأدماه وعقره حتى قتله، وكان سمى حين فعل ذلك - فلا بأس بأكله، وإن فعل ذلك تمرداً من غير حاجة إليه لم يؤكل لحمه(٢).
  وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: لا يجوز إلا في المنحر.
  والأصل فيه حديث رافع بن خديج أن النبي ÷ قسم مغنماً بذي الحليفة فند بعير، فتبعه رجل من المسلمين فضربه بسيف أو طعنه برمح فقتله، فقال رسول الله ÷: «إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش، فما ند منها فاصنعوا به هكذا»(٣)، والاستدلال به من وجهين:
  أحدهما: أنه أخبر أنهم قتلوه بسيف أو رمح، ولم يذكر المنحر، فأباح أكله.
  والثاني: أنه ÷ شبهه بالصيد، فبان أن حكم ذكاته مع الندود حكم ذكاة الصيد.
  وروي عن أبي العُشَرَاء الدارمي [عن أبيه أنه قال]: يا رسول الله، أما تكون الذكاة إلا من اللبة والحلق؟ فقال رسول الله ÷: «لو طعنت في فخذه
(١) كذا في المخطوطات. ولعلها: أكله.
(٢) الأحكام (٢/ ٣١٠) والمنتخب (٢٢٥).
(٣) أخرجه بهذا اللفظ الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٧/ ٢٧١) وأخرجه البخاري (٧/ ٩٣) ومسلم (٣/ ١٥٥٨) بلفظ: فرماه رجل بسهم فحبسه.