باب القول في الأضاحي
  {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اِ۪تَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَٰهِيمَ}[النحل: ١٢٣]، وقوله: {فَبِهُدَيٰهُمُ اُ۪قْتَدِهْۖ}[الأنعام: ٩١].
  فإن قيل: فهذا يقتضي الإيجاب؛ لأنه ø أمرنا بالاتباع والاقتداء.
  قيل له: لا نكون مقتدين به ولا متبعين له إلا إذا فعلنا ما فعله على الوجه الذي فعله، فإذا كان إبراهيم صلى الله عليه فعلها على أنها سنة فنحن أيضاً نفعلها على أنها سنة، وإلا لم نكن متبعين له.
  فإن قيل: فالسنة يعبر بها عن الفرض.
  قيل له: يحتاج ذلك إلى الدليل؛ لأن السنة إذا أطلقت أفادت أنها غير الفرض.
  فأما ما يحتجون به من قوله ÷: «من لم يضح فلا يقرب مصلانا هذا»(١)، وما روي من قوله: «من وجد سعة فليضح»(٢)، وقوله ø: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْۖ ٢}[الكوثر]، فكل ذلك محمول على الحث والتأكيد بكونها(٣) سنة واستحباباً. وكذلك إن استدلوا بحديث الشعبي عن البراء بن عازب: [«إن أول نسكنا في يومنا هذا الصلاة ثم الذبح» وروي: «أن نبدأ فنصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هي شاة لحم عجلها لأهله، ليس من النسك في شيء» وبحديث أبي بردة](٤) أنه لما ذبح قبل الصلاة أمر(٥) بالإعادة فإنه يدل على أنها لم تكن أضحية قبل الصلاة، وأمره بالإعادة ليكون مضحياً آخذاً بالسنة متمسكاً بها.
(١) أخرج نحوه ابن ماجه (٢/ ١٠٤٤) وأحمد في المسند (١٤/ ٢٥).
(٢) أخرجه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٧/ ٣١١).
(٣) في (أ، ج): يكون بها.
(٤) ما بين المعقوفين قال في هامش (أ، ج): كتب هذا في الأم على تظنين فيه. وفي هامش (هـ): صح نسخة. وهو ساقط من (ب، د).
(٥) في (أ، ب، ج، د): أمره.