شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصيد والذبائح

صفحة 428 - الجزء 6

  فإن قيل: ففي الخبر أنه قال: عندي عناق [جذعة]، فأذن له بذلك، وقال: «إنها لا تقضي عن أحد بعدك»⁣(⁣١)، وفي بعض الأخبار: «لا تجزئ»⁣(⁣٢)، ولا يقال: «تقضي» أو «تجزي» إلا في الواجب.

  قيل له: يحتمل أن يكون [خال] البراء كان قد أوجب ذلك على نفسه، ويجوز أن يقال في السنة والتطوع: تجزي وتقضي، ألا ترى أنا نقول في صلاة التطوع: إنها لا تجزئ إلا على الطهر، ولا تجزئ إلا بقراءة، وعندنا النوافل قد تقضى؟ فبين ÷ أنها لا تقع عن الأضحية لأحد بعده ولا تجزئ وإن لم تكن الأضحية في الأصل واجبة.

  ويقاس المقيم فيها على المسافر، فنقول: لما كانت الأضحية غير واجبة على المسافر لم تكن واجبة على المقيم؛ بعلة أنها أضحية لم يوجبها المضحي على نفسه.

  فإن قاسوها على زكاة الفطر بعلة أنها حق في المال يتعلق بالعيد قلبنا⁣(⁣٣) القياس عليهم، وقلنا: يجب أن يستوي فيه المسافر والمقيم، ويؤكد ذلك أن الأصول قد أوجبت أن الحقوق المتعلقة بالأموال لا يختلف فيها المسافر والمقيم.

  وأيضاً لا خلاف أن العقيقة غير واجبة، فكذلك الأضحية، والعلة أنها ذبيحة ليست جبراناً لنقص، وإن شئت قلت: لأنها ذبيحة عن إنسان لا لفعل كان منه.

  فإن قيل: لا خلاف أنها تجب بالنذر، فدل ذلك على أن لها أصلاً في الوجوب.

  قيل له: للذبح أصل في الوجوب، وهذا القدر يكفي لصحة النذر به.


(١) أخرجه النسائي (٧/ ٢٢٣).

(٢) أخرجه البخاري (٢/ ٢٠) ومسلم (٣/ ١٥٥٢).

(٣) في (أ، ج): قلنا.