كتاب الصيد والذبائح
  متونها بالماء»(١).
  قيل له: ليس في الحديث أنه كان مسكراً، ويحتمل أن يكون الشراب كان فيه حموضة زائدة، أو يكون أخذ من رائحة ذلك الوعاء، فكرهه رسول الله ÷ وقال: «صبوا عليه الماء» ليخف ذلك، وقد يقطب الإنسان وجهه إذا تناول شيئاً شديد الحموضة وما له رائحة كريهة، وعلى هذا يحمل كل ما روي مما يجري هذا المجرى عنه ÷ وعن الصحابة، وكذلك ما يروى بلفظ النبيذ محمول على أنه ماء قد طرح فيه التمر ليعذب به الماء من غير أن يصير مسكراً. وما روي أن رجلاً شرب من سطيحة(٢) عمر فسكر، فلما أراد أن يحده قال: شربت من سطيحتك(٣) - محمول على أن عمر كان ظن أنه مما لا يسكر. ولفظ الشدة أيضاً في بعض الأخبار محمول على أن حموضته اشتدت ثم تغيرت رائحته. وما روي أنه يقطع لحوم الإبل في الأجواف(٤) أيضاً محمول على الحموضة [لأن معنى قوله: يقطع لحوم الإبل أنه يعين على الهضم](٥) والأشربة الحامضة كشراب ماء الرمان وكشراب يجري مجرى الخل ونحوه مما يعين على الهضم. وما روي من أن عبدالرحمن بن أبي ليلى شرب عند علي # فبعث غلامه معه يهديه إلى البيت محمول على أن غلامه خرج معه للظلمة لا للسكر، وإن روي لفظ السكر في بعض الأخبار فيحتمل أن يكون بعض الرواة رواه على المعنى الذي اعتقده وتصوره، ويحتمل أن يكون الشراب الذي كان عند علي كان مسكراً ولم يعلم هو
(١) أخرجه الطحاوي (٤/ ٢١٩).
(٢) السطيحة من المزاد: ما كان من جلدين قوبل أحدهما بالآخر فسطح عليه، وتكون صغيرة وكبيرة، وهي من أواني المياه. (نهاية ٢/ ٣٦٥).
(٣) أخرجه الطحاوي (٤/ ٢٧١).
(٤) أخرج الطحاوي (٤/ ٢١٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٥٢٠): إنا لنشرب من هذا النبيذ شراباً يقطع لحوم الإبل في بطوننا من أن تؤذينا.
(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).