شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصيد والذبائح

صفحة 472 - الجزء 6

  بذلك من حاله، فكان الشرب على سبيل الغلط، كما قلنا في معنى ما روي أنه كان في سطيحة عمر.

  فإن قيل: روي عن أبي هريرة [عن النبي ÷]: «إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاماً فليأكل من طعامه ولا يسأل عنه، فإن سقاه شراباً فليشرب ولا يسأل، فإن خشي منه فليكسره بشيء من الماء»⁣(⁣١).

  قيل له: يحتمل أن يكون أراد إن خشي ضرره من فرط حرارة أو برودة فليكسره بماء يضاده؛ إذ ليس في الحديث إن خشي كونه مسكراً.

  وما روي أن عمر قال: ما قولك يا رسول الله: «كل مسكر حرام؟» قال: «اشرب، فإذا خفت فدع»⁣(⁣٢)، يحتمل أن يكون معناه اشرب الشراب، فإذا خفت أن يكون الشراب مسكراً فدع.

  فإن قيل: روي عن علقمة قال: سألت ابن مسعود عن قول رسول الله ÷ في المسكر فقال: الشربة الأخيرة⁣(⁣٣)، فيحتمل أن يكون المراد به أن حاله تتبين في الشربة الأخيرة؛ لأن قبلها قد يشبه بعض المسكر ما ليس بمسكر، ويحتمل أن يكون ذلك رأي ابن مسعود، والله أعلم.

  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {وَمِن ثَمَرَٰتِ اِ۬لنَّخِيلِ وَالْأَعْنَٰبِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراٗ وَرِزْقاً حَسَناًۖ}⁣[النحل: ٦٧]، فدل ذلك على أن في المسكر ما أنعم الله به على عباده، وفي ذلك دليل إباحته.

  قيل له: تأويل ذلك - والله أعلم - أنه ø جمع فيه بين ذكر الإنعام على عباده والتوبيخ لهم، فذكر اتخاذ السكر على جهة التقريع، وهذا كما قال ø:


(١) أخرجه الدارقطني (٥/ ٤٦٦) والطحاوي (٤/ ٢٢٢).

(٢) أخرجه الجصاص في شرح مختصر الطحاوي (٦/ ٣٦٧) وأخرجه الطبراني في الأوسط (٧/ ١٣٩) بلفظ: اشرب، فإذا نش فدع.

(٣) أخرجه الطحاوي (٤/ ٢٢٠).