باب الأشربة
  قال: ولا اعتبار فيما طبخ منه بأن يكون بقي منه الثلث أو أقل أو أكثر(١).
  قد(٢) بينا أن الاعتبار بكونه مسكراً أو غير مسكر، فإذا ثبت ذلك صح أنه لا اعتبار ببقاء الثلث أو دونه أو فوقه.
مسألة: [في تحريم الانتفاع بالخمر على وجه من الوجوه]
  قال: ولا يجوز الانتفاع بالخمر على وجه من الوجوه؛ بأن تجعل خلاً أو غيره(٣).
  وبه قال الشافعي، والرواية عن مالك مختلف فيها(٤)، وقال أبو حنيفة: لا بأس بتخليلها.
  والأصل فيه: ما روي أنه لما نزل تحريم الخمر أمر رسول الله ÷ بإراقة خمر لأيتام(٥)، وذكر الطحاوي في اختلاف الفقهاء قال: روي عن أنس قال: جاء رجل إلى رسول الله ÷ وفي حجره يتيم، وكان عنده خمر حين حرمت الخمر، فقال: يا رسول الله، نصنعها خلاً؟ قال: «لا» فصبه حتى سال في الوادي(٦). فلو كان التخليل جائزاً لم ينه النبي ÷ عنه(٧)، ولم يأمر بإراقة الخمر؛ لأنه قد نهى عن إضاعة المال.
  فإن قيل: إنها قبل التخليل لم تكن مالاً.
  قيل له: عندكم أنه يصح أن تجعل مالاً، فهي في الحكم كأنها مال؛ ولأن ذلك لو جاز لكان يتعلق بها حق اليتيم للاستصلاح، ولا يجوز تضييع حقه، فلما أمر بإراقتها ثبت أنها لا يمكن أن تجعل مالاً على وجه من الوجوه.
(١) المنتخب (٢٢٩).
(٢) في (أ، ج): وقد.
(٣) الأحكام (٢/ ٣١٩) والمنتخب (٢٢٩).
(٤) «فيها» ساقط من (أ، ج).
(٥) أخرجه أبو داود (٢/ ٥٣٢) والترمذي (٢/ ٥٧٩).
(٦) مختصر اختلاف العلماء (٤/ ٣٦١).
(٧) «عنه» ساقط من (أ، ب، ج، د).