شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في محاربة أهل الحرب

صفحة 508 - الجزء 6

باب القول في محاربة أهل الحرب

  لا يجوز قتال أهل دار الحرب إلا مع إمام محق أو والٍ من قبله⁣(⁣١).

  قال أبو العباس الحسني ¦: ذلك على قصدهم في ديارهم، فأما إن قصدوا هم دار الإسلام فيجب قتالهم ودفعهم عن المسلمين على كل من تمكن منه⁣(⁣٢)؛ لأنه من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

  وهذا ما لا خلاف فيه. فأما قصدهم في ديارهم وغزوهم حيث هم فذهب عامة العلماء إلى أن غزوهم إلى⁣(⁣٣) ديارهم جائز.

  وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: «لا يفسد الجهاد والحج جور جائر، كما لا يفسد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غلبة أهل الفسق»⁣(⁣٤).

  وهذا كالتنبيه على جواز قصدهم في ديارهم مع أهل الظلم كالحج.

  ووجه قول يحيى بن الحسين # قول الله ø: {قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ اَ۬لْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَيٰ قَوْمٍ أُوْلِے بَأْسٖ شَدِيدٖ تُقَٰتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَۖ}⁣[الفتح: ١٦]، فكل المفسرين جعلوا الداعي النبي أو الإمام، واستدل القائلون بإمامة أبي بكر وعمر على أن المراد به فارس والروم، وقالوا: الداعي إلى قتالهم إنما كان عمر، فيجب أن يكون إماماً؛ لأن الداعي لا بد من أن يكون إماماً. وقائلون قالوا حين أنكروا ذلك: المراد به هوازن، والداعي هو النبي ÷. وقائلون ممن أنكر إمامة عمر: إن المراد به الجمل وصفين، والداعي هو علي #. ولم يقل أحد: إن الداعي يجوز أن يكون غير إمام، فثبت من اتفاقهم أن الداعي يجب أن يكون


(١) الأحكام (٢/ ٤٠٤).

(٢) في (هـ): من يمكنه، وفيها: «من تمكن منه» نسخة.

(٣) في (ب، د، هـ): في.

(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٨).