باب القول في محاربة أهل الحرب
باب القول في محاربة أهل الحرب
  لا يجوز قتال أهل دار الحرب إلا مع إمام محق أو والٍ من قبله(١).
  قال أبو العباس الحسني ¦: ذلك على قصدهم في ديارهم، فأما إن قصدوا هم دار الإسلام فيجب قتالهم ودفعهم عن المسلمين على كل من تمكن منه(٢)؛ لأنه من جملة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
  وهذا ما لا خلاف فيه. فأما قصدهم في ديارهم وغزوهم حيث هم فذهب عامة العلماء إلى أن غزوهم إلى(٣) ديارهم جائز.
  وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: «لا يفسد الجهاد والحج جور جائر، كما لا يفسد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غلبة أهل الفسق»(٤).
  وهذا كالتنبيه على جواز قصدهم في ديارهم مع أهل الظلم كالحج.
  ووجه قول يحيى بن الحسين # قول الله ø: {قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ اَ۬لْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَيٰ قَوْمٍ أُوْلِے بَأْسٖ شَدِيدٖ تُقَٰتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَۖ}[الفتح: ١٦]، فكل المفسرين جعلوا الداعي النبي أو الإمام، واستدل القائلون بإمامة أبي بكر وعمر على أن المراد به فارس والروم، وقالوا: الداعي إلى قتالهم إنما كان عمر، فيجب أن يكون إماماً؛ لأن الداعي لا بد من أن يكون إماماً. وقائلون قالوا حين أنكروا ذلك: المراد به هوازن، والداعي هو النبي ÷. وقائلون ممن أنكر إمامة عمر: إن المراد به الجمل وصفين، والداعي هو علي #. ولم يقل أحد: إن الداعي يجوز أن يكون غير إمام، فثبت من اتفاقهم أن الداعي يجب أن يكون
(١) الأحكام (٢/ ٤٠٤).
(٢) في (هـ): من يمكنه، وفيها: «من تمكن منه» نسخة.
(٣) في (ب، د، هـ): في.
(٤) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٣٨).