باب القول في محاربة أهل الحرب
  بمن عرف من دينهم بأنهم يقرون بالله وبأن محمداً رسوله، ويقولون مع ذلك: إنه مبعوث إلى العرب فقط دون غيرهم، وحكى هذا القول عن طائفة من اليهود، وليس ذلك ببعيد.
  والأصل في ذلك: ما روي عن حميد الطويل عن أنس أن رسول الله ÷ قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين»(١).
  فدل ذلك على أن تحريم دمائهم غير مقصور على الشهادتين.
  وأيضاً روي أن رسول الله ÷ سئل فقيل: يا رسول الله، ما آية الإسلام؟ قال: «أن تقول: وجهت وجهي [للذي فطر السموات والأرض](٢) وتخليت، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتوافق المسلمين»(٣)، والتخلي هو: التخلي من كل دين سوى الإسلام، فدل ذلك على ما قلناه.
  وروي أيضاً أن يهودياً قال لصاحبه: تعال حتى نسأل هذا النبي، فسأله عن أشياء، فلما أجاب [قبل يده و](٤) قال هو ومن كان معه: نشهد أنك نبي، قال: «فما منعكم أن تتبعوني؟» قالوا: إن داود دعا ألا يزال في ذريته نبي، وإنا نخشى إن اتبعناك أن تقتلنا اليهود(٥).
(١) أخرجه النسائي (٧/ ٧٦) وأحمد في المسند (٢١/ ٥٩).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٣) أخرجه الطحاوي (٣/ ٢١٦) بلفظ: أن تقول: أسلمت وجهي لله وتخليت وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتفارق المشركين إلى المسلمين.
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٥) أخرجه الترمذي (٤/ ٣٧٤) والطحاوي (٣/ ٢١٥).