كتاب السير
  ففي هذا الحديث أن النبي ÷ لم يحكم لهم بالإسلام مع شهادتهم أنه رسول الله، وشهادتهم أن لا إله إلا الله معلومة منهم(١).
  فإن قيل: فقد روي أنه ÷ قال لعلي # حين أعطاه الراية ووجهه إلى خيبر: «قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا فعلوا ذلك منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله»(٢).
  قيل له: قد روي أنه ÷ قال: [«أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ثم تحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحقها»(٣).
  وعن ابن المسيب والأعرج وغيرهما عن أبي هريرة، وعن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله ÷ قال](٤): «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله»(٥).
  فلم يمنع ذلك من أن يكون تمام الإسلام موقوفاً على أن يضم الشهادة بأن محمداً رسول الله ÷، كذلك لا يمنع أن يكون تمامه موقوفاً على أن يظهر الإسلام ويتخلى عما سواه مضموماً ذلك إلى الشهادتين.
  فأما الدعاء إلى الإسلام قبل القتال فأكثر العلماء يذهب إلى أنه غير واجب إن كانت الدعوة قد بلغتهم، وأنه يجب إن لم تكن الدعوة قد بلغتهم، وبه قال القاسم في مسائل النيروسي، قال: فإن احتيط بالدعاء كان حسناً.
  والذي عندي أن قول يحيى # محمول على ما قاله القاسم #؛ لأنه لم يحفظ عنه أنه لا يجوز قتالهم قبل الدعوة، والأقرب أن قوله: «ينبغي أن يدعوا
(١) في (أ، ج): كانت معلومة منهم.
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ١٨٧١، ١٨٧٢) والطحاوي (٣/ ٢١٤).
(٣) أخرجه النسائي (٧/ ٨١) والطحاوي (٣/ ٢١٣).
(٤) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د، هـ).
(٥) أخرجه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة البخاري (٤/ ٤٨) ومسلم (١/ ٥٨) وعن الأعرج عن أبي هريرة الطحاوي (٣/ ٢١٣)، وعن أبي الزبير عن جابر الطحاوي (٣/ ٢١٣).