شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب السير

صفحة 513 - الجزء 6

  قبل القتال» على الاحتياط والاستحباب، هذا إذا كانت الدعوة بلغتهم، فإن لم تكن بلغتهم فلا خلاف أن دعاءهم قبل القتال واجب.

  والأصل في ذلك حديث ابن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله ÷ إذا أمر رجلاً على سرية قال له: «إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال» إحداها: الإسلام في حديث طويل⁣(⁣١).

  وحديث سهل بن سعد الساعدي أن النبي ÷ لما وجه علياً إلى خيبر أعطاه الراية وقال له: «انْفُذْ على رِسْلِك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم»⁣(⁣٢).

  وعن ابن عباس قال: ما قاتل رسول الله ÷ أحداً حتى يدعوهم⁣(⁣٣).

  ويدل على ذلك قول الله تعالى: {قُل لِّلذِينَ كَفَرُواْ إِنْ يَّنتَهُواْ يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨]، وهذا ضرب من الدعاء إلى الإسلام، وقد أمر الله به، فدل ما ذكرنا أن الأولى هو الدعاء إلى الإسلام على الأحوال كلها؛ لأن الأوامر إما أن تقتضي الوجوب أو الندب.

  وإنما قلنا: إنه إن كانت الدعوة بلغتهم فالدعاء قبل القتال ندب واستحباب؛ لما روي عن أنس قال: كان رسول الله ÷ يغير على العدو عند صلاة الصبح، فيستمع⁣(⁣٤) فإن سمع أذاناً أمسك⁣(⁣٥)، وإلا أغار⁣(⁣٦).

  وروي الإغارة في أحاديث كثيرة، فدل ذلك على أن تجديد الدعوة غير


(١) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٥٧) وأبو داود (٢/ ٢٤٢).

(٢) أخرجه البخاري (٤/ ٦٠) ومسلم (٤/ ١٨٧٢).

(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٤٧٦) وأحمد في المسند (٣/ ٤٨٧).

(٤) «فيستمع» ساقط من (ب، د، هـ).

(٥) «أمسك» ساقط من (ب، د).

(٦) أخرجه البخاري (٤/ ٤٧) ومسلم (١/ ٢٨٨).