شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في محاربة أهل الحرب

صفحة 515 - الجزء 6

  اُ۬لذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ اِ۬لْأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اَ۬للَّهُ وَرَسُولُهُۥ ...} إلى قوله: {حَتَّيٰ يُعْطُواْ اُ۬لْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٖ وَهُمْ صَٰغِرُونَۖ ٢٩}⁣[التوبة].

  وقلنا: إن أهل الأوثان⁣(⁣١) من العرب لا تقبل منهم الجزية، وليس لهم إلا السيف أو الإسلام لقول الله ø: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَيٰ مُدَّتِهِمْۖ ...} إلى قوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ اُ۬لْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ...} الآية [التوبة: ٥]، وهذا المراد به مشركو العرب؛ لأن العهد كان بينهم وبين رسول الله ÷ دون مشركي العجم، فلم يجعل ø لهم⁣(⁣٢) إلا القتل أو الإسلام.

  وأيضاً روي عن النبي ÷ أن رهطاً⁣(⁣٣) من قريش لما اجتمعوا عند أبي طالب يشكون النبي ÷ قال له: «يا عم، إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها، تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، وهي لا إله إلا الله»⁣(⁣٤)، فدل ذلك على أن العرب حكمهم أن يؤخذوا بالطاعة، وأن العجم تؤخذ منهم الجزية، وذلك عام في جميع العجم، وفصل بين العرب والعجم في باب أخذ الجزية.

  فإن قيل: فَلِمَ جوزتم أخذها من أهل الكتاب من العرب؟

  قيل له: ذلك مخصوص بالإجماع وبالآية، وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف، وأما مشركو العجم فتؤخذ منهم الجزية، وأما أهل الكتاب من العجم والعرب فإن أبوا أن يسلموا وسألونا أن يكونوا أهل⁣(⁣٥) ذمة قبلنا منهم الجزية»⁣(⁣٦).


(١) في (أ): الآثار. وفي المطبوع: الأديان. وهو تصحيف.

(٢) أي: لمشركي العرب.

(٣) في المخطوطات: رهطة. والمثبت من شرح القاضي زيد ومسند أحمد، ولفظ القاضي زيد: وروي أن رهطاً من قريش شكوا إلى النبي ÷ إلى أبي طالب فقال: يا عم ... إلخ.

(٤) أخرجه الترمذي (٥/ ٢١٩) وأحمد في المسند (٣/ ٤٥٨).

(٥) «أهل» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٦) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٤٠).