باب القول في محاربة أهل الحرب
  اُ۬لذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ اِ۬لْأٓخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اَ۬للَّهُ وَرَسُولُهُۥ ...} إلى قوله: {حَتَّيٰ يُعْطُواْ اُ۬لْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٖ وَهُمْ صَٰغِرُونَۖ ٢٩}[التوبة].
  وقلنا: إن أهل الأوثان(١) من العرب لا تقبل منهم الجزية، وليس لهم إلا السيف أو الإسلام لقول الله ø: {فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَيٰ مُدَّتِهِمْۖ ...} إلى قوله تعالى: {فَاقْتُلُواْ اُ۬لْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ...} الآية [التوبة: ٥]، وهذا المراد به مشركو العرب؛ لأن العهد كان بينهم وبين رسول الله ÷ دون مشركي العجم، فلم يجعل ø لهم(٢) إلا القتل أو الإسلام.
  وأيضاً روي عن النبي ÷ أن رهطاً(٣) من قريش لما اجتمعوا عند أبي طالب يشكون النبي ÷ قال له: «يا عم، إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها، تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، وهي لا إله إلا الله»(٤)، فدل ذلك على أن العرب حكمهم أن يؤخذوا بالطاعة، وأن العجم تؤخذ منهم الجزية، وذلك عام في جميع العجم، وفصل بين العرب والعجم في باب أخذ الجزية.
  فإن قيل: فَلِمَ جوزتم أخذها من أهل الكتاب من العرب؟
  قيل له: ذلك مخصوص بالإجماع وبالآية، وروى زيد بن علي عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (لا يقبل من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف، وأما مشركو العجم فتؤخذ منهم الجزية، وأما أهل الكتاب من العجم والعرب فإن أبوا أن يسلموا وسألونا أن يكونوا أهل(٥) ذمة قبلنا منهم الجزية»(٦).
(١) في (أ): الآثار. وفي المطبوع: الأديان. وهو تصحيف.
(٢) أي: لمشركي العرب.
(٣) في المخطوطات: رهطة. والمثبت من شرح القاضي زيد ومسند أحمد، ولفظ القاضي زيد: وروي أن رهطاً من قريش شكوا إلى النبي ÷ إلى أبي طالب فقال: يا عم ... إلخ.
(٤) أخرجه الترمذي (٥/ ٢١٩) وأحمد في المسند (٣/ ٤٥٨).
(٥) «أهل» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٦) مجموع الإمام زيد بن علي @ (٢٤٠).