باب القول في محاربة أهل الحرب
  أضر على أهل الكفر ولم ير فيه(١) للمسلمين صلاحاً، وذلك لقول الله ø: {۞مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَيٰ أُصُولِهَا ...} الآية [الحشر: ٥]، وقوله: {يُخْرِبُونَ بِيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِے اِ۬لْمُؤْمِنِينَ}[الحشر: ٢]، وروي أن النبي ÷ أمر بإحراق نخل بني النضير(٢)، فإذا ثبت ذلك في الأشجار والبيوت كان ذلك حكم جميع الأموال. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
  فإن قيل: فقد رويتم عن النبي ÷ أنه قال: «لا تعقروا شجراً إلا شجراً يضركم، ولا تعوروا(٣) عيناً».
  قيل له: ذلك لا ينافي قولنا؛ لأنا أجزنا ذلك بأن يراه الإمام نفعاً للكفار ولا يرى فيه للمسلمين صلاحاً، وما كان كذلك فهو ضار للمسلمين، وقد استثناه النبي ÷ من جملة النهي.
مسألة: [فيمن لا يقتل في دار الحرب]
  قال القاسم #: ولا يقتل شيخ فانٍ، ولا راهب متخل في صومعته، إلا أن يقاتل، فإن قاتل قتل [ولا تقتل امرأة ولا صبي إلا أن يقاتلا](٤).
  وذلك لقوله ÷: «لا تقتلوا وليداً، ولا امرأة، ولا شيخاً كبيراً لا يطيق قتالكم».
  وعن ابن عمر أن النبي ÷ نهى عن قتل النساء والصبيان. والأخبار في هذا كثيرة.
  وروي عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ÷ كان إذا بعث جيوشه قال: «لا تقتلوا أصحاب الصوامع»(٥).
(١) أي: في البقاء. (من هامش هـ).
(٢) أخرجه البخاري (٣/ ١٠٤)، ومسلم (٣/ ١٣٦٥).
(٣) في (هـ): ولا تغوروا.
(٤) ما بين المعقوفين من التحرير (٦١٣).
(٥) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٤٨٤) والطحاوي (٣/ ٢٢٥).