كتاب السير
  والذي عندي أن على مذهب أبي حنيفة(١) أن سيدها أولى بها من غير قيمة، وهذا هو الأصح عندي؛ لأن اعتباره قوة الغلبة على الشراء والهبة يضعف، والله أعلم.
  والذي يقتضيه قياس قول يحيى # أن سيدها الأول لو مات لوجب(٢) أن تصير حرة، وكذا يجب أن يكون حكم المدبر؛ لقوله في مكاتب المسلم إذا غلب عليه الحربي: إنه يعتق إذا أدى الكتابة إلى الحربي، والله أعلم.
  قال: ولا يجوز لمن أسلم عليها أن يطأها قبل أن تفتدى منه(٣).
  وذلك أن الإسلام قد حظر عليه وطأها؛ لأنه لا يجوز في الإسلام وطء أم الولد لغير سيدها، على أن الإسلام قد حظر عليه تملكه لها، فصح ما قاله.
  قال: فإن كان وطئها في دار الحرب فأسلم عليها وهي حامل منه كان الولد ثابت النسب منه، فإن افتداها صاحبها أو افتدى له الإمام فليس له أن يطأها حتى تضع ولدها من الثاني ثم تطهر من نفاسها(٤).
  قلنا: إن النسب ثابت لأن الحربي قد ملكها على ما بيناه، فوجب أن يثبت نسب ولدها منه.
  وقلنا: إنها إذا عادت إليه لا يطؤها وهي حامل حتى تضع ما في بطنها وتطهر من نفاسها لأنها بمنزلة الموطوءة للشبهة إذا عادت إلى زوجها أو سيدها، على أن الحامل من الزنا لا يجوز عندنا وطؤها، فكانت تلك أولى بذلك.
(١) مذهب أبي حنيفة أن أهل الحرب إنما يجوز أن يملكوا علينا ما يجوز أن يملك بعضنا على بعض، وهذا يقتضي أن مذهبه أن سيد أم الولد أولى بها من غير قيمة.
(٢) في (أ، ب، ج، د): فيجب.
(٣) الأحكام (٢/ ٤٠٩).
(٤) الأحكام (٢/ ٤٠٩، ٤١٠).