باب القول في أهل دار الحرب يسلمون أو يسلم بعضهم أو يقبلون الذمة
مسألة: [في الحربي يسلم وفي يده مكاتب لمسلم]
  قال: وإن أسلم الحربي وفي يده مكاتب لمسلم سعى(١) لمن هو في يده بما كوتب عليه، فإذا أداه عتق، وكان الولاء لمن كاتبه، وهو المسلم الأول، فإن أبى العبد أن يسعى له كان مملوكاً لمن أسلم عليه(٢).
  وذلك لما بيناه أن الحربي في دار الحرب يملك علينا ما ملكناه على الوجه الذي ملكناه، فإذا كان من كاتب العبد من المسلمين كان ملكه له على شرط أن يعتق بأداء مال المكاتبة وجب أن يكون تملك الحربي له على ذلك الوجه، فإذا أسلم عليه الحربي وأدى المكاتب إليه مال الكتابة يجب أن يعتق بحصول الشرط.
  وقلنا: إن الولاء يكون للمسلم الأول لأنه عتق بعقد الكتابة التي كانت من جهته، فكان هو المعتق له، فوجب أن يكون الولاء له؛ لقوله ÷: «الولاء لمن أعتق».
  وقلنا: إن العبد إن أبى السعاية كان مملوكاً لمن أسلم عليه لأنه ملكه على الوجه الذي كان المسلم الأول ملكه(٣)، وقد علمنا أن العبد متى عجز نفسه كانت الكتابة منفسخة، وصار عبداً كما كان وإن كان(٤) في ملك المسلم الأول، فكذلك إذا صار ملكاً للمسلم الثاني؛ لأنه ملكه على الحد الذي ملكه المسلم الأول، على أن العبد إذا كان مالكاً لفسخ الكتابة بالتعجيز لنفسه فلا فصل بين أن يكون في ملك الأول أو الثاني، كما أن المكاتب له لو مات كان للمكاتب أن يفسخ الكتابة ويصير عبداً للورثة كما كان في الأصل.
(١) في (أ، ج): ينبغي.
(٢) الأحكام (٢/ ٤٠٩، ٤١٠).
(٣) في (هـ): تملكه.
(٤) «وإن كان» ساقط من (هـ).