شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب السير

صفحة 549 - الجزء 6

  قيل له: وقولنا أيضاً يوجب الحظر؛ لأنا نحظرها على أهل البغي الذين ملكوها قبل التغنم، ثم قولنا فيه النقل عن حكم الأصل، فهو أولى. وأيضاً لا خلاف أن المسلمين لا يضمنون ما استهلكوه من الأموال، فوجب أن يكون للتغنم مسرح، دليله مال أهل الحرب.

  فأما سبيهم فلا خلاف بين المسلمين في أنه لا يحل، وقال علي # منكراً على من ظن أنه يجوز: (أيكم يأخذ عائشة بسهمه؟).

  قال: وما أجلب التجار على المسلمين في عساكر أهل البغي مما هو ملك لهم من سلاح أو كراع جاز تغنمه، ولا يجوز تغنم ما سوى ذلك، والرجال والنساء والصبيان في ذلك سواء⁣(⁣١).

  وذلك أن علة التغنم إنما هي ما استعين به على المحقين، ولا فصل في ذلك بين أن يكون ذلك للتجار أو غيرهم من النساء والرجال، فأما ما سوى ذلك مما هو ملك لهم في دورهم ومنازلهم مما لم يستعن به على المحقين فلا خلاف أنه مما لا يجوز التعرض له وأخذه. وعلى هذا لو غصب بعض أهل البغي من غيره شيئاً فاستعان به على المحقين فلا يجب أن يتغنم؛ لأن مالكه لم يجعله معونة على المحقين، وليس ذلك كما يغصبه أهل الحرب؛ لأن أهل الحرب يملكون بالغلبة، فيصير الشيء ملكاً لمن غصبه، وليس كذلك أهل البغي؛ لأنهم لا يملكون بالغلبة. فإن استعاره الباغي ليستعين به على المحقين فالقياس أن تغنمه جائز؛ لأن مالكه رضي أن يستعان به على المحقين.


(١) الأحكام (٢/ ٣٩٤).