شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في محاربة أهل البغي

صفحة 551 - الجزء 6

  لأن الله ø أمر بالقتال⁣(⁣١) دون القتل.

  قيل له: هما مقاتلان حكماً؛ لأنهما دخلا فيه، وهما بعد على رأيهما وعزمهما، وكم من جريح قتل غيره أو جرح، وكم من منهزم كر فقتل وقاتل، فهما إذاً بمنزلة من فني نبله فأراد أن يتناول نبلاً غيرها، أو انحنى سيفه فأراد أن يخترط سيفاً سواه وهو في المعركة في أنه يكون في حكم المقاتل.

  فإن قيل: فأنتم تقولون: إنه إذا لم تكن له⁣(⁣٢) فئة فلا يتبع مدبرهم، ولا يجاز على جريحهم، واستدلالكم بظاهر الآية يوجب قتلهما؛ لأنهما بعد على رأيهما في البغي، وعلى عزمهما في قتال المحقين.

  قيل له: ظاهر الآية يقتضي ذلك، إلا أنا خصصناه بدلالة الإجماع وما روي عن علي #، وأيضاً يدل على ذلك ما في حديث زيد بن علي من قول أمير المؤمنين في أهل القبلة: (إن كانت لهم فئة أجيز على جريحهم، وأتبع مدبرهم، وإن لم تكن لهم فئة لم يجز على جريحهم، ولم يتبع مدبرهم).

  وفي حديث جعفر بن محمد أن علياً # قال يوم الجمل: (لا تتبعوا مولياً ليس بمحتاز إلى فئة) فنهى عن اتباعه بشرط ألا تكون له فئة.

  فإن قيل: روي مطلقاً عن علي # أنه قال: (لا يُذَفَّف⁣(⁣٣) على جريح، ولا يُتْبَع مدبر)⁣(⁣٤).

  قيل له: هذا عام نبنيه على الخاص الذي رويناه، فكأنه قال: لا يذفف على جريح ولا يتبع مدبر إذا لم تكن لهما فئة.

  وروى أبو مخنف بإسناده أن علياً # مر يوم صفين نحو الميسرة ومعه بنوه،


(١) في (هـ): بالمقاتلة.

(٢) «له» ساقط من (ب).

(٣) تذفيف الجريح: الإجهاز عليه وتحرير قتله. (نهاية ٢/ ١٦٢).

(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٦/ ٤٩٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٣١٤).