باب القول في محاربة أهل البغي
  فأما العساكر التي يؤمن أن يكون فيها أحد لا يجوز قتله فلا بأس أن يبيتوا، ولا بأس أيضاً أن ينصب عليهم المنجنيق؛ لأنه من جنس الرمي، ولا خلاف أن رمي البغاة جائز، وكذلك التحريق والإغراق، كل ذلك جائز إذا أمن أن يكون في العسكر غيرهم؛ لأن ذلك كله يؤدي إلى القتل، وقاتل(١) المحارب لا يختص بشيء دون شيء، فيجب أن يجوز جميع ذلك.
مسألة: [فيما في يد الظلمة وأعوانهم إذا ظفر بهم الإمام]
  قال: وإذا ظفر إمام الحق بأئمة الجور أخذ كل ما في أيديهم من قليل أو كثير، أو جليل أو دقيق، من الضياع والعقار وغيرهما، إلا أن تكون جارية قد أولدها أحدهم(٢).
  قال القاسم #: وكذلك يؤخذ ما في أيدي أعوانهم من الظلمة.
  وعلل القاسم ويحيى @ ذلك بأن قالا: إن ما استهلكوه من مال الله ø أكثر من ذلك، [فإن أقام إنسان بينة على شيء بعينه أنه غصب عليه سلم إليه](٣).
  والأصل في هذا الباب: أن الإمام منصوب لاستيفاء الحقوق ممن وجبت عليه ووضعها في أهلها إذا تقاعد عن(٤) إيفائها من لزمته، يدل على ذلك قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا}[التوبة: ١٠٤].
  وروي عن النبي ÷ أنه قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «أعلمهم أن في أموالهم حقوقاً تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم»، والإمام قائم مقامه، فوجب أن يفعل ذلك، وهذا مما لا خلاف فيه، ولهذا قال أبو بكر: لو منعوني عقالاً مما أعطوه رسول الله ÷ قاتلتهم عليه. وكان رسول الله ÷
(١) كذا في المخطوطات.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٩٢، ٣٩٣).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٤) في (أ، ج): من.