شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب السير

صفحة 564 - الجزء 6

  وأيضاً في حديث عبادة بن الصامت قال: خرج رسول الله ÷ إلى بدر فلقي العدو، فلما هزمهم الله اتبعتهم طائفة من المسلمين يقتلونهم، وأحدقت طائفة برسول الله ÷، واستولت طائفة على المعسكر والنهب، فلما انصرفوا قال الذين طلبوهم: لنا النفل، نحن طلبنا العدو، وبنا نفاهم الله وهزمهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله ÷: ما أنتم بأحق منا، بل هو لنا، نحن أحدقنا برسول الله ÷ لا ينال العدو منه غرة، وقال الذين استولوا على المعسكر والنهب: والله ما أنتم بأحق منا، نحن حويناه واستولينا عليه، فأنزل الله ø: {يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ اِ۬لْأَنفَالِۖ ...} الآية [الأنفال: ١]، فقسمه رسول الله ÷ بينهم عن فُواق⁣(⁣١). فلم يخص القاتل منهم بشيء دون من سواه، فثبت بطلان استحقاق القاتل السلب.

  وأيضاً روي أن النبي ÷ سئل بوادي القرى فقيل: يا رسول الله، لمن المغنم؟ فقال: «لله سهم، ولهؤلاء أربعة أسهم»، فقيل: فهل أحد أحق بشيء من المغنم؟ فقال: «لا، حتى السهم يأخذه أحدكم من جنبه فليس بأحق به من أخيه»⁣(⁣٢)، فدل هذا على أن الغنائم يستوي فيها الجميع من أهل الحرب، القاتل وغيره، فبطل استحقاق القاتل للسلب.

  وعن عبادة بن الصامت عن النبي ÷ أنه قال: «أدوا الخيط والمخيط وما دون ذلك وما فوق ذلك، فإن الغلول عار على أهله يوم القيامة وشنآن»⁣(⁣٣)، فدخل السلب في ذلك وغيره.


(١) أخرجه أحمد في المسند (٣٧/ ٤٢١) والطحاوي (٣/ ٢٢٨).

(*) أي: قسمها في قدر فُواق ناقة، وهو ما بين الحلبتين من الراحة. وتضم فاؤه وتفتح. وقيل: أراد التفضيل في القسمة، كأنه جعل بعضهم أفوق من بعض على قدر غنائهم وبلائهم. (نهاية ٣/ ٤٧٩).

(٢) أخرجه الطحاوي (٣/ ٢٢٩).

(٣) أخرجه ابن ماجه (٢/ ٩٥٠).

(*) في كتب الحديث: وشنار.