باب القول في الغنائم وقسمتها
  رسول الله ÷: «أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون برسول الله ÷؟» فقالوا: رضينا، في حديث طويل(١).
  على أني لا أحفظ خلافاً في أن لبعض الغانمين الانتفاع بما يوجد من الطعام والعلف، وقد نص عليه القاسم # في مسائل النيروسي، وهذا أيضاً يدل على جواز التصرف فيه على بعض الوجوه مع تعلق حق الغانمين به، والإمام أولى بذلك.
مسألة: [في الرضخ لمن لا سهم له في الغنيمة]
  قال: وإن حضر الوقعة النساء والصبيان والمماليك وأهل الذمة وأعانوا أهل الحق على العدو رضخ لهم الإمام على قدر ما كان من عنائهم، ولم يضرب لهم سهماً(٢).
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وعامة العلماء، وحكي عن قوم: الإسهام، وعن مالك أنه قال في العبد: لا أعلم أنه يعطى شيئاً(٣).
  والأصل فيه: ما روي عن النبي ÷ رواه ابن عمر، قال: عرضت على رسول الله ÷ يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني في المقاتلة، وعرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني في المقاتلة(٤). ثم روي عن البراء قال: عرضني رسول الله ÷ أنا وابن عمر في يوم بدر، فاستصغرنا رسول الله ÷، ثم أجازنا يوم أحد، وهو يومئذ ابن أربع عشرة سنة(٥). فدل الخبر على أن ابن عمر رضخ له يوم أحد وهو يومئذ ابن اربع عشرة سنة، وأسهم له يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة، فصار ذلك أصلاً في أن من لا سهم له يرضخ له، وأن الصبي لا سهم له حتى يبلغ.
(١) أخرجه البخاري (٥/ ١٥٨، ١٥٩) ومسلم (٢/ ٧٣٨، ٧٣٩).
(٢) الأحكام (٢/ ٣٨٨).
(٣) في (هـ): أنه قال في العبد إنه لا يعطى شيئاً.
(٤) أخرجه الطحاوي (٣/ ٢١٧، ٢١٨) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٩٢).
(٥) أخرجه الطحاوي (٣/ ٢١٩).