باب القول في أكثر الحيض وأقله
  من عشرة أيام فهو استحاضة»(١).
  وقد استدل على ذلك بقول النبي ÷ للمستحاضة: «اقعدي أيام حيضك» وفي بعض الأخبار: «أيام أقرائك» والأيام تكون من الثلاثة إلى العشرة؛ لأن المعدود إذا زاد على العشر أو نقص من(٢) الثلاث لم يعبر عنها باسم الجمع، وعبر عنها باسم الواحد، وهذا الدليل قريب إذا استدل به لأقل الحيض؛ لأن الأيام لا يقال فيها مضافاً إلى الشيء ومفرداً في أقل من ثلاثة أيام، فأما ما زاد على العشر فلا يبعد أن يقال: إنه إذا قيد بالعدد رد إلى الواحد، وإذا لم يقيد لم يرد إلى الواحد، واستعمل فيه الجمع، فالأولى أن نقرره بما قلناه: إن أقل الحيض ثلاث، ثم يقال: وكل من قال: إن الأقل ثلاث قال: إن الأكثر عشر.
  فإن قيل: فالاثنان يعبر عنهما باسم الجمع.
  قيل له: ذلك عندنا مجاز، والحقيقة ما ذكرناه(٣)، والواجب حمل قول النبي ÷ على الحقيقة دون المجاز.
  فإن قيل: قول الله تعالى: {فَٱعۡتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلۡمَحِيضِ}[البقرة: ٢٢٢] يوجب اعتزال النساء في قليل الأذى وكثيره إلا ما قام دليله، وإذا(٤) ثبت وجوب اعتزالهن للأذى ثبت لهن المحيض.
  قيل له: لو تأملت الآية لعلمت أن الأمر على خلاف ما ذكرت، وذلك أن الله تعالى وصف المحيض بالأذى، وأمر باعتزال النساء في حال المحيض، ولم يصف الأذى بالمحيض، وهذا يوجب أن كل محيض أذى، وليس يوجب أن يكون كل أذى محيضاً، وإذا كان هذا هكذا فيجب أن يثبت المحيض ويعلق عليه حكم الأذى وحكم اعتزال النساء، ولا دليل على ذلك إلا ما ذكرناه.
(١) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ٧٤).
(٢) في (ب): عن.
(٣) في (أ): ذكرنا.
(٤) في (ب): فإذا.