باب القول في أكثر الحيض وأقله
  الأحوال مع السلامة، فكل امرأة صارت إلى حالة لا تكاد ترى الدم معها في غالب الأمور مع السلامة يجب الحكم بأنها لا تحيض في تلك الحال.
  ويمكن أن تقاس بهاتين العلتين على الصغيرة أيضاً، على أن العادة قد جرت بين المسلمين في أنهم يجعلون انقطاع الدم في وقته أمارة الحبل، فلولا أنهم قد تقرر عندهم أن الحبل والحيض لا يجتمعان لم يجعلوا انقطاع الدم أمارة للحبل.
مسألة: [فيما يجب على المستحاضة من الطهارة للصلاة والخلاف في ذلك]
  قال: وعلى المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة(١) وتصلي إن أحبت، وذلك أفضل، فإن توضأت وجمعت بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء، تؤخر الظهر وتقدم العصر، وتؤخر المغرب وتقدم العشاء - فهو جائز، وهكذا حكم سائر الأحداث اللازمة من سلس البول وسيلان الجرح. وللمستحاضة أن يأتيها زوجها.
  وكل ذلك منصوص عليه في الأحكام(٢) وغيره.
  وما يلزم المستحاضة فيه خلاف من وجوه:
  أحدها: أنه كان يذهب مالك إلى أن لا وضوء عليها من دم الاستحاضة، وقد مضى الكلام في هذا الباب عند كلامنا فيما ينقض الطهارة، وما يذكر من الأخبار الواردة في هذا الباب يحجه ويفسد مذهبه.
  [وثانيها]: ومن الناس من يذهب إلى أن الواجب عليها أن تغتسل لكل صلاة، واحتجوا بما روي عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة، عن عائشة، أن أم حبيبة بنت جحش كانت تحت عبدالرحمن بن عوف، وأنها استحيضت حتى لا تطهر، فذكر شأنها لرسول الله ÷ فقال: «ليس بالحيضة، ولكنها ركضةٌ من الرَّحِم، تنظر قدر قرئها الذي تحيَّض له فلتترك
(١) في هامش (أ): لوقت كل. نخ.
(٢) الأحكام (٨٤).