شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الحيض

صفحة 373 - الجزء 1

  فلما ثبت ذلك عن رسول الله ÷ أن المستحاضة لا يلزمها تجديد الطهارة لكل صلاة - وجب أن يحمل قوله #: «تتوضأ لكل صلاة» على الاستحباب، وعلى أنه هو الأفضل كما ذهب إليه يحيى وحكيناه نحن في صدر هذه المسألة، أو يحمل على أنه أراد لوقت كل صلاة، فقد يعبر بالصلاة عن وقتها؛ ألا ترى أن القائل يقول: أتيته الظهر، يريد وقت الظهر، وأفعل كذا العصر، يريد وقت العصر؟

  وكان أبو العباس الحسني | يقول: إن وضوءها ينتقض بدخول الوقت دون خروجه، خلافاً لما كان يذهب إليه أبو حنيفة، ويخرج ذلك من قول يحيى # في الأحكام: «وتؤخر المستحاضة الظهر إلى أول وقت العصر ثم تتوضأ وتصلي الظهر والعصر معاً، وكذلك تفعل بالمغرب والعشاء».

  فكان ¥ يقول: لولا أن مذهبه # أن وضوءها ينتقض بدخول الوقت لم يأمرها بتأخير الظهر إلى أول وقت العصر، بل كان يقول: إنها تتوضأ للظهر ثم تصلي العصر إذا دخل وقتها؛ إذ من مذهبه أن وقت العصر يدخل مع بقاء وقت الظهر.

  ووجه هذا القول أيضاً أمر النبي ÷ المستحاضة أن تؤخر الظهر وتعجل العصر، وكذلك تفعل بالمغرب والعشاء، وإياه اعتمد يحيى # لمذهبه في جواز الجمع بين الصلاتين للمستحاضة.

  فإن قيل: الخبر الذي استدللتم به لجواز الجمع ورد في الغسل دون الوضوء.

  قيل له: إذا ثبت بما بينا أن الفرض هو الوضوء دون الغسل صار الزائد على الوضوء من الغسل نفلاً، فالصلاتان وقعتا⁣(⁣١) إذا بالمفروض الواحد من الوضوء.

  فأما الأحداث اللازمة من سلس البول وغيره فلا خلاف أن حكمها حكم الاستحاضة، فلا وجه لإفراد الكلام له.


(١) في (ج): واقعتان.