باب القول في الأذان
  مولى عياض بن عمرو بن عامر، عن بلال، أن النبي ÷ قال لبلال: «لا تؤذن حتى ترى الفجر هكذا، ومد يده(١)»، أي: معترضاً.
  والنهي يدل على أن المنهي عنه لا يقع موقع الصحيح، فدل الخبر على أن الأذان قبل طلوع الفجر لا يقع موقع أذان الفجر.
  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا فهد، قال: حدثنا محمد بن سعيد الأصفهاني، قال: أخبرنا شريك، عن علي بن علي، عن إبراهيم، قال: شيعنا علقمة إلى مكة، فخرج بليل، فسمع مؤذناً يؤذن بليل، فقال: «أما هذا فقد خالف سنة أصحاب محمد ÷، لو كان نائماً لكان خيراً له، فإذا طلع الفجر أذن»(٢).
  فأخبر علقمة أن ذلك خلاف سنة أصحاب محمد ÷، فدل ذلك على أنهم أجمعوا على خلافه.
  فإن قيل: روي: «إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم»(٣).
  قيل له: لسنا نمنع الأذان قبل طلوع الفجر، لكن لا يجوز أن يعتد به للفجر، وفي الحديث: «كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم»؛ فقد بان أن الاقتصار على الأذان بليل لا يجوز، على أنه قد روي ما يدل على أن أذان بلال لم يكن للصلاة، وهو أن النبي ÷ قال: «إن بلالاً يؤذن بليل لِيَرْجِع(٤) قائمَكم،
(١) مصنف ابن أبي شيبة (١/ ١٩٤)، وأخرجه أبو داود (١/ ١٨٧) بلفظ: «حتى يستبين لك الفج هكذا».
(٢) شرح معاني الآثار (١/ ١٤١، ١٤٢).
(٣) أخرجه البخاري (١/ ١٢٧)، ومسلم (٢/ ٧٦٨).
(٤) لفظة «قائمكم» منصوبة مفعول «يرجع» قال الله تعالى: {فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ}[التوبة: ٨٣]، ومعناه أنه إنما يؤذن بليل ليعلمكم بأن الفجر ليس ببعيد: فيرد القائم المتهجد إلى راحته لينام غفوة ليصبح نشيطاً، أو يوتر إن لم يكن أوتر، أو يتأهب للصبح إن احتاج إلى طهارة أخرى، أو نحو ذلك من مصالحه المترتبة على علمه بقرب الصبح. (من شرح النووي على صحيح مسلم).