كتاب الصلاة
  مفعولة في وقتها؛ لأن ذلك لا يكون جمعاً على الحقيقة، وإنما يكون جمعاً إذا جمع بينهما في وقت إحداهما، على أنه لا خلاف في جواز الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة، وفي جواز الجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء، فبان بذلك أن وقت كل واحدة منهما وقت لصاحبتها.
  فإن قيل: فالخبر الذي ذكرتموه في ذلك نابٍ من تعليم جبريل # للنبي ÷ وتعليم النبي # لمن جاء يسأله عن أوقات الصلوات.
  قيل له: أخبار التعليم تدل على اختصاص كل واحدة من الصلوات بوقت على سبيل الاختيار، وهذه الأخبار دلت على أوقات العذر، على أن تلك الأخبار أيضاً دلت على أن آخر وقت الظهر أول وقت العصر، وأن آخر وقت المغرب هو أول وقت العشاء، فبان أن هذه الأخبار بمجموعها دلت على أوقات الاختيار وعلى أوقات العذر، فصح ما ذهبنا إليه.
  وأما كون وقت العصر ممتداً إلى غروب الشمس فسنذكر ما ورد فيه(١) من الأخبار بعد هذه المسألة.
  وأما كون وقت العشاء ممتداً إلى طلوع الفجر فقد استدل على ذلك بقوله تعلى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ١ قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا ٢}[المزمل]، فأوجب القيام في أكثر الليل، ولا صلاة تؤدى في أكثر الليل إلا صلاة العشاء، فعلم أنها المراد، وإذا ثبت ذلك ثبت أن وقتها ممتد إلى الفجر؛ لأن كل من جعل وقتها أكثر من نصف الليل جعله إلى آخر الليل.
  ويدل على ذلك: ما أخبرنا به أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا يزيد بن سنان، قال: حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر
(١) في (أ): فيها.