كتاب الصلاة
  فيجوز تأخيرها عن أول وقتها؟ وإذا كان هذا هكذا لم يكن خبرنا مبيحاً، بل يكون موجباً، ولا يمكن تقديم الحاظر عليه؛ لأن الحظر والإيجاب يتقابلان(١)، وليسا كالحظر والإباحة.
  فإن استدلوا بما روي عن(٢) النبي ÷ لما نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر في الوادي فاستيقظ وقد طلعت الشمس أمرنا بالرحيل، حتى لما ارتفعت الشمس نزل وصلى، وفي بعض الروايات: لما خرج من الوادي انتظر حتى استقلت الشمس، وفي بعضها: فقعدوا هنيهة ثم صلوا(٣).
  قيل لهم: هذه الأخبار في هذا الباب وردت مختلفة، واحتمل فيها التعارض، فحديث أبي قتادة ليس فيه ذكر الارتحال، بل فيه ما يدل على أنه ÷ لم يكن ارتحل.
  أخبرنا أبو الحسين علي بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، قال: حدثنا محمد بن شجاع، قال: حدثنا المعلى بن منصور، عن هشام، قال: أخبرنا حصين، قال: أخبرنا عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة، قال: فاستيقظنا وقد طلعت الشمس، فأمرهم النبي ÷ فانتشروا لحاجتهم وتوضؤوا [وارتفعت الشمس، فصلى بهم الفجر. فهذا الخبر ليس فيه إلا أنهم انتشروا وتوضؤوا](٤) فصلوا، فصادف فعل الصلاة ارتفاع الشمس، وليس فيه أن النبي ÷ ارتحل، ولا أنه قصد تأخيرها إلى ارتفاع الشمس، فالكلام في هذا من وجهين: أحدهما: أن التعارض قد وقع في كيفية فعله ÷ فلا(٥)
(١) كلامهم في الأصول يرجح الحظر على الإيجاب، فينظر. (من هامش أ).
(٢) في (د): أن.
(٣) شرح معاني الآثار (١/ ٤٠١).
(٤) ما بين المعقوفين من المطبوع ومن الكاشف المفيد.
(٥) في ب: فلم، وفي ج: ولا.