شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 442 - الجزء 1

  فيجوز تأخيرها عن أول وقتها؟ وإذا كان هذا هكذا لم يكن خبرنا مبيحاً، بل يكون موجباً، ولا يمكن تقديم الحاظر عليه؛ لأن الحظر والإيجاب يتقابلان⁣(⁣١)، وليسا كالحظر والإباحة.

  فإن استدلوا بما روي عن⁣(⁣٢) النبي ÷ لما نام هو وأصحابه عن صلاة الفجر في الوادي فاستيقظ وقد طلعت الشمس أمرنا بالرحيل، حتى لما ارتفعت الشمس نزل وصلى، وفي بعض الروايات: لما خرج من الوادي انتظر حتى استقلت الشمس، وفي بعضها: فقعدوا هنيهة ثم صلوا⁣(⁣٣).

  قيل لهم: هذه الأخبار في هذا الباب وردت مختلفة، واحتمل فيها التعارض، فحديث أبي قتادة ليس فيه ذكر الارتحال، بل فيه ما يدل على أنه ÷ لم يكن ارتحل.

  أخبرنا أبو الحسين علي بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، قال: حدثنا محمد بن شجاع، قال: حدثنا المعلى بن منصور، عن هشام، قال: أخبرنا حصين، قال: أخبرنا عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه أبي قتادة، قال: فاستيقظنا وقد طلعت الشمس، فأمرهم النبي ÷ فانتشروا لحاجتهم وتوضؤوا [وارتفعت الشمس، فصلى بهم الفجر. فهذا الخبر ليس فيه إلا أنهم انتشروا وتوضؤوا]⁣(⁣٤) فصلوا، فصادف فعل الصلاة ارتفاع الشمس، وليس فيه أن النبي ÷ ارتحل، ولا أنه قصد تأخيرها إلى ارتفاع الشمس، فالكلام في هذا من وجهين: أحدهما: أن التعارض قد وقع في كيفية فعله ÷ فلا⁣(⁣٥)


(١) كلامهم في الأصول يرجح الحظر على الإيجاب، فينظر. (من هامش أ).

(٢) في (د): أن.

(٣) شرح معاني الآثار (١/ ٤٠١).

(٤) ما بين المعقوفين من المطبوع ومن الكاشف المفيد.

(٥) في ب: فلم، وفي ج: ولا.