كتاب الصلاة
  يمكن التعويل عليه.
  والثاني: أن التأخير يحتمل أن يكون وقع للتوضؤ ولأن يجتمع الناس، فصادف ذلك ارتفاع الشمس.
  وأما الارتحال فإن صح فيجوز أن يكون لأن الموضع كان فيه شيطان على ما ورد به الخبر، فكره ÷ الصلاة في الموضع لا في الوقت.
  أخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، عن أبي بكرة، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا عباد بن ميسرة المقرئ(١)، قال: سمعت أبا رجاء العطاردي، قال: حدثنا عمران بن الحصين، قال: أسرى بنا رسول الله ÷ وعرسنا معه، فلم نستيقظ إلا بحر الشمس(٢)، فلما استيقظ رسول الله ÷ قالوا: يا رسول الله، ذهبت صلاتنا، فقال رسول الله ÷: «لم تذهب صلاتكم، ارتحلوا من هذا المكان»، فارتحل قريباً فنزل وصلى(٣).
  فدل هذا الخبر على أنه ÷ كره المكان؛ ألا ترى إلى قوله ÷: «ارتحلوا من هذا المكان»؟
  فإن قيل: ففي بعض الأخبار أنهم لما نزلوا قعدوا هنيهة ثم صلوا، فدل ذلك على أنهم طلبوا الوقت.
  قيل له: لا يمتنع أن يكون قعودهم كان ليتلاحقوا، وليفرغ الكل من الوضوء فيلحقوا صلاة رسول الله ÷.
  على أن أبا حنيفة وأصحابه يذهبون إلى أنه يجوز أن يؤدي الرجل عند غروب
(١) كذا في المخطوطات، والصواب: المنقري كما في شرح معاني الآثار.
(٢) قوله: «بحر الشمس» يدل على أنهم لم يستيقظوا إلا بعد زوال وقت الكراهة، فلا حجة لهم من هذا الوجه أيضاً، ولله أعلم. (من هامش أ).
(٣) في (د): فصلى.
(*) شرح معاني الآثار (١/ ٤٠٠).