شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 449 - الجزء 1

  إذا علم به بعد الوقت؛ لما روى جابر قال: بعث رسول الله ÷ سرية كنا⁣(⁣١) فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة، فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة هاهنا قبل الشمال [فصلوا] وخطوا خطوطاً، وقال بعضهم: القبلة هاهنا قبل الجنوب وخطوا، فلما أصبحنا وطلعت الشمس أصبحت الخطوط إلى غير القبلة، فسألنا النبي ÷ عما فعلنا فأنزل الله تعالى: {فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ}⁣[البقرة: ١١٥]، وهذا الحديث ذكره الجصاص في شرح مختصر الطحاوي⁣(⁣٢) بإسناده، وذكر فيه أيضاً أنه روي عن عاصم بن عبيدالله بن عبدالله بن عامر بن ربيعة [عن أبيه] قال: كنا مع النبي ÷ في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة، فصلى كل رجل منا على حياله، ثم أصبحنا فذكرنا ذلك للنبي ÷ فأنزل الله تعالى: {فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ}⁣[البقرة: ١١٥]، فلما لم يأمرهم ÷ حين علموا بالخطأ بعد الوقت [بالإعادة] اتبعنا الأثر وقلنا: لا إعادة بعد الوقت.

  فإن قيل: فقوله: {فَأَيۡنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ}⁣[البقرة: ١١٥]، يوجب سقوط الإعادة قبل الوقت وبعده.

  قيل له: ظاهر الآية لا يوجب سقوط الإعادة لا قبل الوقت ولا بعده، وإنما علم ألا إعادة بعد الوقت لأن النبي ÷ لم يأمرهم بها، ولما نزلت الآية عند ذلك علمنا أن المراد بها سقوط الإعادة في الموضع الذي نزل فيه، ولم يجب حمله على العموم؛ إذ لا ظاهر له.

  فإن قيل: يلزمكم في الجنب إذا صلى ناسياً أن تقيسوه على من أخطأ القبلة، كما قستم عليه من توضأ بماء نجس وهو لا يعلم، وكذلك يلزمكم أن تقيسوا عليه من أخطأ فصلى قبل الوقت.


(١) في شرح مختصر الطحاوي وسنن الدارقطني: كنت.

(٢) شرح مختصر الطحاوي (١/ ٥٧٠) وأخرجه الدارقطني في السنن (٢/ ٦).